تشكل المقتنيات الخاصة بالجماعة الفنية، التى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إرثا فنيا ضخما، نظرا لما يحفظه من تاريخ يمثل حركة وتطور الفنون المسرحية والموسيقية والغنائية بشكل كبير.عندما يمتزج الإبداع مع الجمال ويتماهى الواقع بالخيال تكون دار الأوبرا المصرية، التحفة المعمارية التى لا تقل عن مثيلتها فى العالم.لكل حضارة تاريخ، ولكن الأوبرا لما تنقله لنا من عالم آخر عالم ملىء بالإبداع وطلاقة الروح لها حضارة وتاريخ، ففى عصر كان يشهد فيه معانى الازدهار والاهتمام بالثقافة والفنون، وردت فكرة بناء الأوبرا من قبل الخديوى إسماعيل باشا والى مصر، فأصدر قرارًا ببنائها فى ٩ مايو ١٨٦٩، وأطلق عليها الأوبرا الخديوية نسبة له، وشيدت فى غضون خمسة أشهر، قدر ثمن بنائها حوالى مائة وستين ألف جنيه آنذاك، حتى تم الانتهاء من البناء الهيكلى لها فى أول سبتمبر ١٨٦٩، تحت إشراف المهندس المعمارى «أفوسكانى»، المسئول عن بناء دار الأوبرا، التى كانت تقع بين منطقتى الأزبكية وميدان التحرير بالقاهرة، وقد وصل على متن الباخرة الإنجليزية والقادمة من مرسيليا تحمل حوالى مائة وسبعة عشر صندوقًا من الموبيليا، وصندوق ورق، وأربعة عشر صندوقًا للنباتات، إضافة إلى ثلاثة عشر صندوقًا لبعض المركبات وعجلاتها، وخمسة صناديق أخرى لأدوات تركيب الغاز، وخمسة وعشرين صندوقًا للشموع، كما تم إرسال هذه الصناديق فى قطار من ميناء الإسكندرية إلى القاهرة.صار العمل يسير على قدم وساق، من أجل إنهاء تجهيز الأوبرا حتى يتم افتتاحها، وذلك ضمن الاحتفال الخاص بقناة السويس، ثم بدأ بعد ذلك تنفيذ مشروع إضاءة الأوبرا بالكهرباء من خلال شركة التنوير العمومية فى باريس، وهى الشركة التي أضاءت عدة مسارح أوروبية، حتى أضاءت صالات الاستقبال بسراى عابدين، وافتتحت فى أول نوفمبر ١٨٦٩، برواية «ريجوليتو»، لفيكتور هوجو، وفيردى، على أن يبدأ العمل من أول نوفمبر حتى ٣٠ أبريل من كل عام، ووافق محافظ القاهرة فى ٢٢ يوليو ١٨٧١ على قيام ذوكارللى، بالقيام بأعمال النقوش والزخرفة للأوبرا، وقد عهد الخديو إلى الموسيقار الإيطالى «فيردى» بتأليف موسيقى أوبرا من وحى التاريخ المصرى القديم فكانت «أوبرا عايدة» ألف قصتها ميريت باشا عالم المصريات الفرنسى الشهير، وكتب نصها الغنائى اليبرتو جيسلا نزونى، وتعتبر من أفضل ٥ أوبرات فى العالم، حيث قدمت فى افتتاح عالمى داخل الأوبرا الخديوية فى ٢١ ديسمبر ١٨٧١.ومن الأعمال الفنية التى قدمت خلال تلك الفترة ما يقرب من خمس وسبعين رواية فرنسية أو إيطالية حسب شروط الاتفاق مع الدار، إضافة إلى الروايات التى تقدم لمساعدة الفقراء وغيرها وتأتى بناء على طلب الجمعيات الخيرية المعروف بها من قبل الجهات الحكومية، والروايات العربية التى تقدم عادة عقب الموسم السنوى للتمثيل، حيث كانت الحكومة تصرف الأزياء والمناظر وأثاث المسرح إلى المستأجر من مخازن الدار، كما توجد داخل بناء الدار مكتبة موسيقية تحتوى على ما يقرب من سبعمائة مجلد من الروايات الموسيقية، والتمثيلية، والرقص التمثيلى، إلى جانب مكتبة أخرى بها كتب خاصة بتاريخ فن التمثيل، كما يوجد بدفتر خانة الأوبرا وغيرها صور مكتبات كثيرة من إدارة الأوبرا فى عهد الخديو إسماعيل باشا ذات القيمة التاريخية العظيمة.وفى فجر احترقت الأوبرا الخديوية فى ٢٨ أكتوبر ١٩٧١، وتاريخها من الديكورات، والأزياء، والنوت، والآلات الموسيقية، وبدأت أعمال الإنشاء لها مرة أخرى بعد الحريق فى مارس ١٩٨٥، وقد استغرقت أعمال البناء إلى ٣٦ شهرًا، حتى تسلمت وزارة الثقافة المبنى، وتضم الأوبرا الجديدة ثلاثة مسارح وهي المسرح الصيفى المكشوف، والمسرح الصغير والمسرح الكبير، وافتتحت مرة أخرى من جديد بافتتاح ضخم فى ١٠ أكتوبر ١٩٨٨.وصدر قرار جمهورى تحت رقم ٣١٣، في ١٩٨٩، بإنشاء الهيئة العامة للمركز الثقافي المصرى وتضم الفرقة مجموعة من الفرق وهى: «أوركسترا القاهرة السيمفونى ى، « أوبرا القاهرة»، «كورال الأوبرا»، «باليه الأوبرا»، القومية للموسيقى العربية، الموسيقى العربية والإنشاد الدينى»، كما تقدم على المسرح الصغير على مدار العام حفلات الريستال، الكونسيرت والكورال وفرق الموسيقى العربية والفلكلور، إلى جانب عروض مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى والمعاصر فى سبتمبر من كل عام، فيما يستضيف المسرح أيضا من حين لآخر مجموعة من العروض المسرحية المميزة للفرق المصرية من بينها «السيرة الهلالية»، «وبحلم يا مصر»، إضافة إلى عروض الأوبرا العالمية التى تقدمها الفرق العالمية، وقد استضافت الدار فى مسارحها الثلاثة فرقًا مسرحية من الدول العربية والأجنبية، حتى أصبحت من أهم وأعرق المناطق الأكثر طراز معمارى فى الوطن العربى.
مشاركة :