للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. «علمت به ما دمت حيًّا.. أما ترى ولما له نور علينا له فضلًا»يُعد جامع العسقلانى بملوى من المساجد الأثرية الإسلامية المميزة، والذى يقع بمدينة ملوي، قام بإنشائه أمير اللواء إبراهيم قائمقام مصر، وهو أحد مماليك محمد بك أبوالدهب، فى عام ١١٩٣ هجريًا، ١٧٧٩ ميلاديًا، وتقلد المشيخة بعد موت أستاذه وقد سُمى إبراهيم بك المحمدى نسبة إليه، وتوفى بالسودان إبان حكم محمد على، ويقع المسجد بالقرب من الطريق العمومى ويطل على أربعة شوارع، بجوار ميدان العسقلاني، ودفن بقبته الشيخ العسقلاني. وللمسجد ثلاثة مداخل، حيث يؤدى المدخل الغربى منها إلى داخل المسجد مباشرة، أما المدخل الشرقى فيؤدى إلى فضاء مسقوف يرتكز على عمود واحد، ومنه إلى باب آخر يؤدى إلى داخل المسجد، وعلى يمين هذا الفضاء نجد القبة، أما المدخل البحري، فنجد فتقة شرقية المئذنة التى تعتبر نموذجًا جميلًا وفريدًا من مآذن الصعيد. ويتكون المسجد من ثلاث بوائك، البائكة الثانية والثالثة تتكون كل منهما من أربعة أعمدة تحمل خمسة عقود مدببة تنتهى من أعلى بخط مستقيم، أما الواجهة الشرقية للمسجد فيوجد بها شباكان مصنوعان من خشب الخرط على جانبى المدخل. أما قبة المسجد فتحتوى على ضريح الشيخ العسقلاني، وقد استعيض عن المقرنصات التى تحمل القبة، والتى تحول المربع إلى دائرة أو شكل مثمن، تحمل عليها القبة، كما تحتوى القبة على مقصورة غاية فى الروعة والجمال. وبالمسجد محراب حديث يعلوه زخارف جصة بديعة، وقد عثر فى هذا المسجد على اسم المعمار منقوشًا فى لوحة أعلى مدخل القبة، وتم تخطيط المسجد على طراز المساجد العثمانية المغلقة أو المغطاة، وهى عبارة عن بوائك بدون صحن.ونصل إلى الضريح من خلال فتحة باب فى الفناء الذى يتقدم الضريح والمسجد، وهو مساحة شبه مربعة، ويعلو الضريح قبة على عتب خشبى حول المربع، إلى مثمن وبها فى الأركان زخارف محاريب أو مقرنصات صغيرة، ويتوسط الضريح مقصورة خشبية بها ضريح الشيخ العسقلاني. أما مئذنة المسجد فهى ترجع للطراز المآذن العثمانية ذات الطابع المملوكى المحلي، وهى مبنية من الآجر مع وجود أربطة خشبية، وتبدأ بقاعدة مربعة وعند سطح المسجد شُطفت الأركان بمثلث الذى حول المربع إلى مثمن ثم شرفة عليها سياج خشبي، ثم مثمن مزين بدخلات وزخارف بارزة وتنتهى بشكل شرفة صغيرة مزينة بالمقرنصات ثم الهلال. وقد عثر فى هذا المسجد على اسم المعمار منقوشًا فى لوحة أعلى مدخل القبة وكتب عليها عن الشيخ العسقلانى «هو العسقلانى الغيث لمن أتى على باب يرجو النوال ملاذه، وهذا البنا قد أرضوه ولى علا مقامًا له المكروب يأتى بلا مهلا ومن حساب العمل».
مشاركة :