تعددت المواقف التي تدل على تحلي أهل الكويت الكرام بالحكمة والفراسة، وهذا ما سوف نستعرضه في هذه القصة الواقعية، التي توضح ما اتسم به التاجر الكويتي في كويت الماضي من حسن تصرف وسداد رأي ورجاحة عقل، وكان ذلك من صور توفيق المولى سبحانه وتعالى لهم. وفيها يقول الراوي العم النوخذة مبارك حمد الزوير (أبو بدر) عن والده النوخذة حمد الزوير رحمه الله تعالى: «من أشهر قصص النوخذة في كويت الماضي قصة حصبات الوالد النوخذة حمد الزوير رحمه الله، فقد عرفت القصة عند الكثير من أهل الكويت الكرام، وفيها: أنه في أحد مواسم الغوص، وفي إحدى الرحلات التي لا تُنسى خرج للوالد رحمه الله «شوعيان» للغوص على اللؤلؤ، وكان النوخذة في أحدهما خاله عوض محمد الخضير رحمه الله تعالى، والنوخذة في الشوعي الثاني كان معتوق تابع محمد الخضير، وفي منتصف الموسم أي بعد شهرين من بدايته ذهب الوالد حمد الزوير رحمه الله ليتسلم الحصبات المتجمعة تمهيداً لبيعها، فلما عاين الحصبات وجد أن بعضها يغطيه اللون الأخضر، ولما دقق فيها أحس أن الخضرة خارجية فقط وليست من أصل الحصبات، فاستخدم طريقة ذكية بأن وضع الحصبات الخضراء في فنجال به حبات من الرز المنقوع (العيش المنقع) ثلاثة أيام ثم استخرجها ونظفها فإذا بالخضرة تزول جميعها ويظهر بياض الحصبات الناصع. ولما علم بأمره الطواش الكبير شملان بن علي الرومي سامها منه (أي طلب منه شراءها باقتراحِ سعرٍ معينٍ لها) بيد أنه لم يتفق معه على سعرها، ثم لحق به كل من الطواش عبدالوهاب بن حسين الرومي والطواش أحمد الفرحان رحمهما الله تعالى، وأدركاه وهو في طريقه إلى البحرين لبيعها على التاجر البحريني الكبير والمشهور من عائلة «كانو»، فلما أقبلوا على منطقة قبل البحرين تسمى «ظهر أبو علي» كانا قد أدركاه وأقنعاه ببيع الحصبات لهم بمبلغ 21 ألف روبية، فاشترطا أن يزيداها 500 روبية للبحار الذي فلق الحصبات والتباب الذي كان يجر حبله فوافقا على ذلك، وهذا يدل على وفائه لبحارته. ويستطرد الراوي العم أبو بدر قصته قائلاً: واصل الوالد حمد الزوير رحمه الله رحلته إلى البحرين ليشتري لبحارته في الشوعيين الرز والتمر والذبائح ابتهاجاً ببيع الحصبات وإكراما لهم بعد هذا الموسم المكلل بالنجاح بفضل الله، وهذه أيضاً لفتة إنسانية تدل على كرمه وتقديره لبحارته والعاملين معه، وكذلك استمر كل من الطواش عبدالوهاب بن حسين الرومي والطواش أحمد الفرحان في رحلتهما إلى البحرين لبيع الحصبات على ذلك التاجر البحريني من عائلة «كانو»، ولما قابل ذلك التاجر النوخذة حمد الزوير سأله: بكم بعت الحصبات؟ فأخبره بالحقيقة وأنه باعها بمبلغ 21 ألف روبية، فقال له: لقد اشتريتها منهما بأربع وعشرين ألف روبية، فرد عليه النوخذة حمد الزوير بكل ثقة ورضا بما قسمه الله له: بارك الله لك ولهما فيما بعتم واشتريتم». د.عبدالمحسن الجار الله الخرافيajalkharafy@gmail.comwww.ajalkharafy.com
مشاركة :