تشكل المقتنيات الخاصة بالجماعة الفنية، التى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إرثا فنيا ضخما، نظرا لما يحفظه من تاريخ يمثل حركة وتطور الفنون المسرحية والموسيقية والغنائية بشكل كبير.عندما نتذكر شخصية «الشيطان» للفنان يوسف وهبى فى مسرحية «سفير جهنم» فنحن أمام واحد من أهم أعلام المسرح فى الوطن العربى، ارتدى وهبى زيًا يصور من خلاله صورة الشيطان، وأصبح هذا الزى أحد مقتنياته الخاصة، التى يحتفظ بها متحف المركز القومى للمسرح تخليدًا لهذا العملاق العظيم، الذى كرس حياته لخدمة المسرح العربى بفنه الراقى، يظل اسمه عالقًا فى أذهان الجميع حتى الوقت الراهن، وكان دائمًا يقول: «الدنيا مسرح كبير»، أى شبه الدنيا بالمسرح الذى يجرى فيه الأحداث والتاريخ وكل ما نشاهده من محاسن ونقاص. قدمت مسرحيته الشهيرة «سفير جهنم» لفرقة رمسيس فى ١٩٤٢، من تأليفه وإخراجه وبطولته وشاركه البطولة أمينة رزق، فاخر فاخر، عبدالعزيز أحمد، وغيرهم، وفكرة العمل مأخوذة من مسرحية «فاوست» لجوته، التى تبرز فكرة التحالف مع الشيطان من أجل تحقيق الأحلام.ويقول الناقد الفنى عبدالغنى داود، عن الأداء التمثيلى ليوسف وهبى فى هذه الشخصية، إنه اتسم بالفخامة والمبالغة بأسلوب مدرسة الأداء الصوتى، والبعد عن الأداء الواقعى المتعارف عليه فيما بعد، ولكن يبرر ذلك بضرورات المرحلة لانعدام التقنيات والميكروفونات فى ذلك الوقت، حيث لم يكن تصميم المسارح يسمح بتوصيل الصوت لآخر الصالة عدا فى المسرح القومى الذى صمم من قبل الإيطاليين بأسلوب خاص، وكانت تلك المبالغة مناسبة لطبيعة شخصية «الشيطان» لتوصيل أثر تلك الشخصية على المتفرج وإظهار انفعالاتها المختلفة. يعتبر وهبى حالة خاصة فى تأدية دور الشيطان، الذى يظهر لأسرة فقيرة ويفرق بين أفرادها عن طريق إعطائهم المال، الذى أنساهم طريق الله فحدثت لهم المشاكل، رغم أنهم ظنوا أن المال سيعوض لهم الحرمان الذين عاشوا فيه، ليكتشفوا أن الشيطان وضع المال فى طريقهم ليسحبهم إلى طريق الضلال، وذلك من خلال شخصية «رمضان» رجل فقير معدم طاعن فى السن، وكذلك زوجته، له ابن وابنة، يختار الشيطان هذه الأسرة ليثبت مدى سيطرته على البشر، فيعرض عليهما الشباب والمال، يستسلم رمضان وزوجته لغوايته فيعودان إلى سن وحيوية الشباب، ينصرف الزوج إلى كل أشكال العربدة التى تطولها يداه كما تصادق الزوجة الشبان وتحيا حياة الرذيلة وينصرف الابن إلى عالم الشر إلى أن يتورط بغواية الشيطان له فى جريمة قتل، تعلم الابنة أن المال هو كل شيء فتتزوج من رجل ثرى، لينتصر الشيطان فى استقطاب سكان جدد إلى جهنم.قدم وهبى نفس القصة للسينما فى ١٩٤٥، من تأليفه وإخراجه وبطولته مع ليلى فوزى، فردوس محمد، فؤاد شفيق، فاخر فاخر، وغيرهم.اكتشف وهبى هواية التمثيل لديه وهو فى عمر ٧ سنوات، كان والده يستضيف بعض الفرق فى منزله للاستمتاع بفنها، فهناك فرقة سليم النقاش كانت تقدم عروضها فى سوهاج وقررت زيارتهم فى المنزل وأثناء الزيارة دعى والوالد يوسف وهبى نجله لحضور مسرحية «عطيل» التى قدمتها هذه الفرقة، ومن هنا انطلقت شرارة عشقه للتمثيل والمسرح فقرر الاحتراف حتى أصبح عميدا للمسرح العربى، ويشهد له الجميع ببراعة أدائه، وموهبته، وصوته، وهيئته، ووقاره، وإتقانه للغة العربية.أخرج وهبى ما يقرب من ٣٠ فيلمًا سينمائيًا، وقام بتأليف ما لا يقل عن ٤٠ فيلمًا، واشترك فى التمثيل ما لا يقل أيضًا عن ٦٠ فيلمًا، إضافة إلى عشقه الأول والأخير وهو المسرح التى تخطت أعماله المسرحية فوق ٣٠٠ عمل مسرحى، بفضل إنتاجه الغزير وثقل موهبته جعلته ينال العديد من الجوائز والتكريمات من بينها منحه الملك فاروق رتبة البكوية عقب حضوره فيلم «غرام وانتقام»، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى فى ١٩٦٠، وجائزة الدولة التقديرية فى ١٩٧٠، إضافة إلى انتخابه نقيبًا للممثلين فى ١٩٥٣، ومستشارًا فنيًا للمسرح بوزارة الإرشاد، كما حصل جائزة الدولة التقديرية والدكتوراه الفخرية فى ١٩٧٥، من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وغيرها، ما جعلت اسمه محفورًا فى ذاكرة المسرح العربى.
مشاركة :