مشروع المصالحة لا يحول دون انفراط عقد الاشتراكي المغربي

  • 6/4/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تطرح مسألة إعادة التوازن للمشهد السياسي في المغرب الكثير من وجهات الرأي المختلفة بين من يراها أمرا ممكنا ومن يعتبرها وهما في ظل واقع أحزاب تعيش انقسامات داخلية ومن بينها حزب الاتحاد الاشتراكي الذي ينتمي إلى اليسار ويسعى لبلورة مشروع سياسي جديد يعيد من خلاله تمساك حزبه ومكوناته وإرساء المصالحة بينها. وتحاول قيادات من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إعطاء الزخم لمبادرة المصالحة التي قدمها الكاتب الأول للحزب (رئيس) إدريس لشكر بهدف مواجهة المعارضة التي لاقتها مبادرته من طرف أعضاء في الحزب. وقال الكاتب عبدالسلام المساوي في مقال نشره على موقع الحزب على الإنترنت “نسجل أن تصريحات وتدخلات الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي تشكل خطابا متماسكا ومتناغما تحكمه وحدة الفكر ووحدة الرؤية، خطابا أصيلا متأصلا يجمع مكوناته ناظم مشترك هو المشروع الاتحادي؛ الاشتراكي الديمقراطي الحداثي”. واعتبر المساوي أن خطاب لشكر “خطاب عقلاني واع وهادف يحاصر الشعبوية التي تروم السيطرة على الوجدان بخطاب عاطفي مغالطي والذي تأثيره مؤقت في الزمان والمكان”. وجاء هذا المقال بعد يومين من إعلان لشكر أن حزبه بصدد بلورة مشروع سياسي وتنظيمي متجدد، في مسعى لتعزيز المصالحة بين مختلف أعضائه ومكوناته، وإعادة التوازن للمشهد السياسي في المغرب، والانكباب على الإعداد للانتخابات البرلمانية التي ستجرى في العام 2021. وأوضح لشكر أن الذكرى الستين لتأسيس حزبه التي سيتم إحياؤها في وقت لاحق من العام الحالي، ستشكل محطة تاريخية هامة لتعزيز أواصر الوحدة والمصالحة بين مختلف مكونات الاتحاد. وقال، بشأن الوحدة والمصالحة بين مختلف مكونات الاتحاد، “قطعنا خطوات كبرى بشأنها، حيث سيتم توجيه الدعوة إلى كل القيادات السابقة من أعضاء المكاتب السياسية والمجالس الوطنية وكل المسؤولين السابقين والبرلمانيين”، بما فيهم المخضرمون من عهد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وقوبل إعلان لشكر بانتقادات كثيرة من داخل حزبه. وقال القيادي في الاتحاد الاشتراكي محمد كرم إن “من يريد المصالحة ينبغي أن يقول للناس، لماذا كان الشقاق أولا؟ ولماذا وصل الحزب إلى ما وصل إليه؟”، مبديا معارضته للمبادرة. واعتبر كرم أن إدريس لشكر كان المسؤول عن التدبير الفاشل والقاتل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ عقد من الزمان تقريبا، وقال إنه “حول الحزب إلى جثة دون روح”، وتأتي تصريحات كرم في إطار المحاسبة التي يدعو إليها تيار واسع من الاتحاديين قبل بدء استعدادات لخوض المحطات السياسية المقبلة. ويعيش الاتحاد الاشتراكي واقعا تنظيميا متأزما انعكس سلبا على مواقف وأداء بعض أعضاء المكتب السياسي الرافضين لسلوكيات إدريس لشكر. وكشفت مصادر “العرب” أن سوء التفاهم الحاصل بين الكاتب الأول للحزب وأعضاء المكتب السياسي ليس أمرا جديدا وطالب هؤلاء بالجلوس إلى طاولة الحوار بين كل الغاضبين والمطرودين من داخل الحزب بهدف طمأنة القواعد الشعبية وتحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات القادمة. وأكد إدريس لشكر، في محاولة لدغدغة مشاعر المناضلين واستمالة القيادات المترددة داخل الحزب، أن رهان الاتحاد الاشتراكي من خلال إطلاق هذا المشروع “ليس رهانا حزبيا ضيقا أو ترفا فكريا، بل هو توجه إلى المستقبل، من أجل تجاوز القطبية الحزبية المصطنعة، وإعادة التوازن للمشهد السياسي الوطني الذي يبقى المغرب في أمس الحاجة إليه، وصون التعددية السياسية وتطوير العمل السياسي النزيه والمسؤول، وتجنب المخاطر المهددة للاستقرار والأمن”. لكن متابعين للشأن الحزبي أكدوا أن لشكر لن يساهم في أي مبادرة قد لا تخدم مصالحه وطموحاته السياسية، خصوصا وأنه كان إلى وقت قريب يتعامل بخشونة سياسية وتنظيمية مع المعارضين لطريقته في إدارة الأزمات داخل الحزب والتحالفات السياسية. ولهذا أكد كرم أن المصالحة لها شروطها وأدواتها ولا يكفي لتحقيقها القيام بمبادرة فقاعية، الهدف من ورائها البحث عن شرعية مفقودة، مشيرا إلى أن لشكر فقد شرعيته بالفعل. وأوضح كرم أن أزمة الحزب بالأساس أزمة ثقة، وأزمة قيادة وأزمة خط سياسي ومشروع مجتمعي واضح، معتبرا أن الدعوة إلى المصالحة هي للاستهلاك الفوري حتى ولو كانت خلفيتها حسنة. إدريس لشكر يخطط للبقاء لولاية ثالثة ومبادرته الجديدة يريد أن تكون بمثابة الاسفنجة التي تمتص غضب الخصوم وقالت مصادرنا من داخل الحزب إن إدريس لشكر يخطط للبقاء على رأس الحزب لولاية ثالثة رغم أن قوانين التنظيم السياسي لا تسمح بذلك، مؤكدة أن هذه المبادرة يريد الكاتب الأول للحزب أن تكون بمثابة الاسفنجة التي تمتص غضب الخصوم تمهيدا للاستحقاقات القادمة. من جهته استحسن محمد بنعبدالقادر، وزير الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، دعوة لشكر إلى المصالحة معتبرا أنها مبادرة قد تخدم الحزب وأنها في الوقت نفسه شأن داخلي لا يمكن تحميلها أكثر من حجمها. وفي إطار الصراع داخل تنظيمه السياسي، أقدم لشكر مؤخرا على طرد 13 مستشارا ينتمون إلى الحزب بعد إطاحتهم بزميلهم الاتحادي إبراهيم يحيى وعدم التصويت على مرشح الحزب حسن الشينوي ومنح أصواتهم لمرشح حزب العدالة والتنمية الحسين أمدجار رئيسا جديدا لبلدية إيمنتانوت. ووصف المكتب السياسي للحزب سلوك الأعضاء المطرودين بـ”خروج عن أخلاقيات التنظيم وضرب الديمقراطية الداخلية وانحراف عن السلوك النضالي القويم”. وأكد، في بيان، أن ذلك “يتعارض مع المبادئ والقواعد التي يجب أن يتحلوا بها في إطار ما تتسم به الديمقراطية التمثيلية التي يجب أن تحكم الحياة السياسية للأحزاب والتي من ركائزها الدفاع عن مصالح الكتلة الناخبة وعن المصلحة العامةللحزب”. ويقول مراقبون إن لشكر غالبا ما يستغل أخطاء بعض المناضلين لتقوية موقعه وهو ما ساهم في تهميش الشباب وتهجير الكوادر ذات التكوين الأكاديمي والسياسي المتين، التي كان يزخر بها الاتحاد الاشتراكي، موضحين أن رئيس الحزب لا يستطيع بمبادرة يتيمة وعلى مقاسه إعادة الوهج الذي كان للحزب في السابق سواء داخل الأوساط الشعبية أو النخب.

مشاركة :