قوة التفكير المثالي «1من 2»

  • 6/8/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

النظر إلى العالم المثالي على أنه أداة مؤثرة لتعزيز روح المبادرة وقيادة التحول التنظيمي. أسهمت التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، في وضع مزيد من الضغوط لاستكشاف المجهول، ولكن مع الأسف، الخوف من الطريقة التي يتطور فيها العالم، والاستماتة في الحفاظ على ما نملكه، والرغبة في الاحتفاظ بالأمور التي بنيناها في عقلنا، مأخوذين بالفلسفة الجديدة التي تفضي بأنه يجب أن نكون سعداء أكثر ــ تجعلنا نواصل في مقاومتنا ورفضنا التغيير. فلماذا نسعى إلى المستقبل إذا كان ذلك مؤلما؟ ولماذا نرى أن عالمنا ينهار؟ نركض بشكل أسرع نحو الضوء في نهاية النفق لتجنب الشعور المتزايد بالعجز واليأس، وبدلا من تقبل المجهول، يعمينا ما نعتقد أننا نعرفه بشكل أكبر. تتعلم الشركات منهجية "أجايل" فقط في سبيل رفع إنتاجيتها وزيادة إيراداتها وتحقيق الأرباح، كما تنخرط الحكومات في مشاورات مع أصحاب المصلحة، لكن تأتي استنتاجاتها، عن طريق المصادفة، لتؤكد نيات الأشخاص من أصحاب السلطة، هناك مخاوف عند عديد من الأشخاص حول النفايات البلاستيكية في المحيطات، ولكنهم يتجاهلون لماذا أصبحت هذه المسألة مهملة. نتغير في سبيل أن نبقى كما نحن، ولكن لا يعد ذلك كافيا في ظل التحديات التي نشهدها بشكل يومي. كتب أينشتاين في 1946: "وجود أسلوب تفكير جديد أمر ضروري في حال رغبت البشرية في النجاة والتحرك نحو مستويات أعلى". العقلانية في العمل هي محور اهتمام وتفكير القادة. ومع ذلك، يجب بذل مزيد من الجهد في هذا المجال، دعوت خلال فترة عملي أستاذا، عديدا من التنفيذيين والمديرين ليكونوا أكثر عقلانية وذكاء، لا أدعو هنا إلى التخلص من العقلانية، ولكن بدلا من ذلك، أقترح التخلص من العقلانية التي تفرض نفسها على الواقع المعقد بشكل استبدادي. لتحديد الهدف، فإن اختيار الإجراء الأفضل للوصول إليه، ومن ثم قياس العواقب، وأخيرا ادعاء النجاح بمجرد انتهاء المهمة، ليس بالأمر الكافي، ففي عالم مملوء بالمفاجآت، يجب أن تتخطى أحلامنا أهدافنا إن أردنا أن يكون لها معنى؛ فالإحساس بالهدف أمر ضروري لإيجاد قيمة على المدى الطويل، كون حلمنا الذي يقود أهدافنا، هو الذي يضمن استمراريتنا للمرحلة المقبلة، ويجب أن ندرك أيضا أننا قد لا ننجح في تحقيق أهدافنا، ويكون ذلك بمنزلة فرصة كونها قد تحتاج إلى التغيير. يجب ألا نبقى سجناء لأهدافنا، ففي عالم سريع التغير يجب أن نحب ما نقوم بعمله. بالاستناد إلى قيمنا، نستطيع أن نكون فخورين بما حققناه وأن نبقى متأهبين، بدلا من خدمة نظام يهدد بالقضاء على إنسانيتنا، يجب أن نتأكد من وضع الإطار العقلاني في سبيل خدمة قيمنا وأحلامنا. القدرة على الحلم بخروج عالمنا المستقبلي إلى حيز الوجود تساعدنا على البقاء، فضلا عن كونها استراتيجية فعالة، تتمحور خبرتي في إنسياد حول فكرة أن بناء المدينة المثالية يخول للتنفيذيين والمديرين تحرير عقولهم من التحيزات الفكرية، تستمد تلك الطريقة من المبادئ الثلاثة الأساسية للسلطة الحكيمة: ازدواجية الفكر، والنضج العاطفي، وسخاء الروح؛ وهي طريقة تفكير وشعور ورؤية من شأنها تعزيز قدرتنا على مواجهة العالم في منتصف الطريق، وهي ضرورية ولا سيما عند اتخاذ قرارات مهمة وصعبة. تتكون السلطة الفعالة من القدرة على مواجهة المفاجآت، حتى الحقائق غير السارة بصراحة وشجاعة، على الرغم من أنها قد تتعارض بشكل مباشر مع معتقداتنا وتفضيلاتنا الراسخة؛ فالقادة الذين يتمتعون بالحكمة هم أقل عرضة للخوف من المجهول الذي يحركنا للدفاع عن أنفسنا، كونهم ينظرون إلى الأمور بشكل أعمق، وبدلا من التركيز على الضوء في آخر النفق، يتعلمون التوقف للنظر إلى النفق ويرونه مصنوعا من أشجار جميلة، تعد كل منها بمنزلة مدخل لمكان آخر بإمكانهم اكتشافه أو التعلم منه أو رؤيته فقط.

مشاركة :