رمز من رموز الأحساء، وقامة إبداعية راسخة في الذاكرة الخليجية، ذات حضور واسع يمتد عبر شرايين الوطن العربي كله. أشغلت كلماته الناس وسارت بها الركبان، اشتهر بقصيدة غنائية (غدار أعرفك يا بحر) فكان نجماً في سماء الخليج يعمل من وراء الكواليس وفي الوقت ذاته هو الشريان الرئيس في العمل الفني، تاريخه الفني مزيج من الترحال بين الدمام، والبحرين، والأحساء، والصداقات، والقصائد. يمثل ضلعاً من مثلث فني شهير وعريق ضلعاه الآخران: الفنان محروس الهاجري، والملحن: عبد الرحمن الحمد.. إنه أبو فارس الشاعر جواد الشيخ نلتقي به عبر الأسطر التالية في لقاء مدهش، مطرز بالأحاديث الفنية، والذكريات الدافئة، والحوار الشائق. تأثرت بالأغنية المصرية والعراقية r حدثنا عن بداية جواد الشيخ ورحلته مع كتابة الأغنية؟ - كانت دراستي الابتدائية والثانوية في البحرين ثم انتقلت إلى الدمام، كتبت أول أغنية في الدمام تأثر ت في البدايات بالأغنية المصرية أم كلثوم وعبد الحليم والأغنية العراقية حتى التقيت بالفنان والعازف خالد الحمد طلب مني أن أكتب له أغنية وكتبت له: اللهب فوق الشفايف لما قبل باختياره ذبت فيه والقلب خايف ينحرق منه بناره لحنها وبدأ يغنيها في الجلسات وكانت بداية انطلاقتي. شاكر الشيخ طلب مني الكتابة في جريدة اليوم r كتبت في مرحلة من حياتك في جريدة اليوم قصائد غنائية هل تسلط الضوء على هذه المرحلة؟ - حينها تعرفت على الأستاذ شاكر الشيخ كان يبحث عن مؤلفين وموسيقيين وشعراء للكتابة في جريدة اليوم وطلب مني الكتابة في الجريدة وبدأت أكتب أغاني وينشرها خليل الفزيع. أول أجر استلمته من جريدة اليوم 200 ريال عن كل أغنية أنشرها كان ذلك في الستينيات. تأسيس فرقتين غنائية ومسرحية r أسست مع شاكر الشيخ فرقة غنائية ومسرحية للتلفزيون ما معطيات تأسيس الفرقتين؟ - كان يعرض آنذاك على تلفزبون الدمام برنامج للأطفال، وكان شاكر الشيخ ينتقد الحلقات من خلال جريدة اليوم إلى أن جاء مدير تلفزيون الدمام في تلك الفترة وعرض عليه البرنامج ليرى ماذا سيقدم، وكان تلفزيون الدمام ينتج برامج فانتقلت معه وأسسنا فرقتين بدأنا بدفع اشتراك شهري عشرة ريالات فرقة للمسرح والتمثيل وفرقة للموسيقى فيها كبار العازفين في الشرقية عبدالله العماني ومطلق الدخيل، كانت فرقة رائعة حتى أن شاكر الشيخ ذهب للبحرين وأحضر مدربة رقص للأطفال، وكنت وإبراهيم الغدير نكتب أغاني للأطفال ومطلق الدخيل والعماني يلحنان القصائد، واستمرت الفرقة حتى انتقال التلفزيون للرياض وتم إيقاف البرامج وانتهت معه الفرقة. بداية كتابة الأغاني للمسرحيات r متى بدأت علاقتك بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء؟ وهل كانت محطة جديدة في حياتك الشعرية؟ - تكونت جمعية الثقافة والفنون بالأحساء عام 1392 هـ وصادف أن عملي انتقل من الخبر إلى الأحساء زرت الجمعية والتقيت بفنانين كبار ومسرحيين وتشكيلين وشعراء انصدمت مما شاهدته من مستوى فني في الجمعية وبدأت أكتب أغاني مقدمات مسرحيات الجمعية. أغنية (خليجية) انتشرت وبثت في الإذاعة والتلفزيون r ما أول مسرحية كتبت أغنيتها؟ - كانت مسرحية (عقاقير وعقارات) من تأليف عبد الرحمن الحمد وإخراج ناصر المبارك، بعدها تعرفت بالفنان سعد الجوف وأعطيته أغاني قام بتلحينها منها (أغنية خليجية) انتشرت مثل أغنية (غدار يابحر) وبثت في الإذاعة والتلفزيون وحققت شهرة لدرجة أن سمو الأمير بدر بن عبد المحسن طلب من سعد الجوف أن ينتقل من الأحساء ويسكن في الرياض ليكون أقرب للتلفزيون ذهب كم يوم وعاد للأحساء. بداية تكوين الثلاثي مع محروس والحمد r متى بدأت تكوين الثلاثي مع عبد الرحمن الحمد ومحروس الهاجري؟ - تعرفت إلى الكاتب والملحن والممثل عبد الرحمن الحمد في الجمعية حينها لم يكن محروس الهاجري على علاقة بالجمعية وأحضرته لها وبدأنا في عمل عدة أغانٍ أول أغنية (بعدك حبيب) غناها محروس وكونا ثلاثياً اشتهر بأغنية (غدار يابحر)عام 1400هـ. (غدار يا بحر) سُجلت في مصر r كيف كان ظروف تسجيل أغنية (غدار يا بحر) وهل وجدتم صعوبات؟ - جاءتنا فكرة التسجيل في مصر بالموسيقى ولم أكن أملك المال الكافي، كان عندي نخل ووزارة الزراعة تقدم قروضاً لتعمير النخيل، وكان حينها مدير المكتب الزراعي بالأحساء عبد الوهاب العامر صديق ذهبت له مع محروس لطلب قرض للمزرعة، وقلت له إني أجرت المزرعة على محروس لإحيائها وحصلت على قرض زراعي بمبلغ ثلاثين ألف ريال وذهبنا بالمبلغ إلى القاهرة لتسجيل ألبوم أغانٍ كامل. ولأن التكلفة سابقاً كانت قليلة دفعنا مصروفات السفر وتسجيل الألبوم والموسيقى ووفرنا من مبلغ الثلاثين ألف ريال ورجعنا للجمعية وسجلنا مقدمة (عقاقير وعقارات) من ألحان سعد الخميس رجعنا بألبوم كامل وذهبنا إلى تلفزيون الدمام لتسويقه لكن تم إرجاعنا من عند البوابة. بث الأغاني في الإذاعات الخليجية r هل جربتم الذهاب إلى إذاعات وتلفزيونات دول خليجية؟ - نعم جربنا في دول إذاعات وتلفزيونات خليجية وتم استقبال ألبومنا من بعض الدول الخليجية، اشتروا الألبوم وبدأوا يبثون الأغاني في التلفزيون والإذاعة، وصادف كان وزير الإعلام السعودي في زيارة خليجية وشاهد الأغنية وسأل عنها ولفت نظره أنها أغنية سعودية. وعندما عاد إلى الرياض اتصل بتلفزيون الدمام وطلب منهم تسجيل أغاني محروس الهاجري كاملة وعرضت بالإذاعة والتلفزيون السعودي آنذاك. r ما حكاية انتشار أغنية (غدار يابحر)؟ - أنتج التلفزيون السعودي مسلسل (وجوه ولآلئ) يحكي قصة الغوص والبحر ووجد المخرج أغنية (غدار يابحر) مناسبة ووضعها مقدمة للمسلسل وتم بثها على ثلاثين حلقة، ما رسخها في الوجدان ومن أسباب شهرتها تم تسجيلها في مصر ووجدت تسويقاً وأصبحت أعمالنا بديلًا من الفن الشعبي العادي مثل ما كان يقدمه عيسى وطاهر الأحسائي، نحن قدمنا الأغنية المثقفة التي تعزف على الموسيقى وليس العود. r وهل تحويل (غدار يابحر) للفيديو كليب بسبب انتشارها؟ - الفيديو كليب جاء بطلب من مدير مركز تلفزيون الدمام كان لديه مخرج مبدع طلب من محروس عمل فيديو كليب من الطبيعة للأغنية. كان في (دارين) مجلس للغواصين يجتمعون فيه وكانت الفكرة نأخذ سفينة للغوص ونحضر الغواصين ونمثلها فيديو، وذهبنا إلى زيارة الفرقة الشعبية في دارين وحينما غنى محروس لهم الأغنية تأثروا وبدأوا يبكون لأنها لامست وجدانهم وشاركوا في تمثيل الأغنية. عيسى الأحسائي فنان شعبي وفشل في أداء الأغنية الموسيقية r ما علاقتك بالأغنية الشعبية والفنان عيسى الأحسائي؟ - عندما كنت في التلفزيون مع شاكر الشيخ أحببنا تغيير وجهة نظر عيسى عن الأغنية الشعبية وإقناعه بالأغنية المثقفة الجميلة بالموسيقى والتلحين والتوزيع الصوتي، اتصلت به وجاءني في الدمام واصطحبته للتلفزيون وعرفته على الملحن عبدالله العماني، وكتب له إبراهيم الغدير أغنية «نام في عيوني» وتم تلحينها. وأعطيناه إياها موزعة لكنه لم يستطع غناءها على الموسيقى واعتذر لأن لونه الغنائي وطبيعته مختلفة، عيسى انتشر في الكويت وما زال منتشراً، صوته ميال وأداؤه جيد لكن ألحانه لا جديد فيها، طاهر غير عيسى مطرب صوت وكل الأغاني التي يغنيها لمن سبقه لم يقدم جديداً. الأغنية أصبحت فن معلب والشركات ترفض الجيل القديم r كيف تنظر للأغنية الحديثة ودخول الشركات في عالم الفن؟ - الفن اليوم تحول إلى عمل تجاري وشركات تبحث عن المشاهير. الشركات تريد نصف موهبة فنان وتصنع منه فناناً كبيراً بعقد احتكاري وحينما ينتهي العقد يرمونه؛ وهذا من أسباب هبوط الأغنية، هم يختارون الكلمة واللحن ويسجلونها، أصبح الفنان يغني بدون أحاسيس. حينما كنا نسجل في مصر نذهب إلى استديو أم كلثوم أو عبد الوهاب تأتي فرقة كاملة ويتم تسجيل حي ومباشر، الآن العملية أصبحت معلبة الأغنية فن معلب وتكلف مادياً، سابقاً كانت الأغنية لا تتجاوز تكلفتها أربعة آلاف جنيه أما الآن تتجاوز مائة وخمسين ألف ريال، وكان يعطى للفنان في الحفلة عشرين ألف ريال، وتحقق له إيراداً ذاتياً. r لماذا لا تكتب أغنية تواكب العصر؟ - ما زلت أكتب ولكن من يلحن وإذا وجد الملحن من يغني ومن يسوق. عبد الرحمن الحمد لحن أغنية لكن لم يغنها أحد، الشركات أصبحت لا تتعامل مع الجيل القديم لم يطلب مني قصيدة تواكب العصر وإن طلب سأكتب، طلب مني علي الغوينم عمل مسرحية قبل سنتين وكتبت له. محمد العلي أشاد بقصائدي الفصحى r لك تجربة في كتابة القصيدة الفصحى كيف بدأت؟ - كان عند علي الدميني موقع المنبر الحر وكتبت قصائدي الفصحى ووجدت ردود فعل إيجابية محمد العلي قرأ لي قصيدة فصحى وقال لي «اثرك شاعر موبسيط». طبعت ديواني بـ 7 آلاف ريال r كانت لك تجربة في طباعة ديوانك الشعبي حدثنا عنها؟ - اتصلت بي دار الكفاح لطباعة الديوان وحينما نشروه نفدت الطبعة الأولى خلال سنتين وقعت العقد معهم بسبعة آلاف ريال، بعد سنتين اتصلوا لعمل عقد جديد لكن الدار توقفت. r هل تسمع الأغنية الحديثة، ومن يلفت انتباهك؟ - أسمع راشد الماجد وعبد المجيد عبدالله حالياً أغانيه تختلف عن ديوانه مع خالد الشيخ لم تعد مثل السابق، راشد فنان صوته جيد وأداؤه جيد، بينما لا أسمع أحلام ولا استسيغ أغانيها. r خضت تجربة في كتابة القصة القصيرة جداً هل تسلط الضوء عليها؟ - دعاني القاص أحمد الحسين للمشاركة في مجموعة واتسابية متخصصة بالقصة القصيرة، ووجدتها فرصة لخوض ميدان كتابة القصة القصيرة جداً قصة عنوانها (الساعة) ونشرتها جاءني إعجاب من المبدعين ووقعت في شباكها وبدأت تأخذني من الشعر، كتبت مائة وخمسين قصة سأنشرها بعد التنقيح في مجموعة قصصية، وبعد أن عرضتها على جبير المليحان قال أكتب القصة الشعرية وقدراتك الشعرية تسهل لك الكتابة القصصية. وقد اشتركت في موقع القصة العربية لجبير المليحان وقرأت من خلال المجموعات على الواتس. r كيف رأيت إستراتيجية وزارة الثقافة؟ - أنا أسمي إستراتيجية وزارة الثقافة بالصحوة الفنية، نتمنى أن يتكلل النشاط بعمل معاهد فنية وبعثات وتفريغ الفنانين للمسرح والموسيقى وعمل ثلاثة مسارح ضخمة في المدن الكبرى.متفائل مع توجه وزارة الثقافة نلمس أشياء جميلة لم تكن موجودة نتفاءل للوصول بالغناء بما ينسجم مع رؤية الوطن.