الدمام محمد المرزوق الشيخ: كتبت الكلمات في عشر دقائق.. ولم أعدِّل شيئاً عليها حتى غنائها هدف العمل إلى إنقاذ الفن الشرقاوي.. وشكّل نقلة للأغنية الطربية الخليجية اختصرت أغنية «غدار يا بحر» حالة التقشف التي تعيشها جمعية الثقافة والفنون منذ إنشائها، فعلى الرغم مما حققته الأغنية من نجاح وانتشار واسع تجاوز الخليج العربي، إلا أنها لم تعد على الثلاثيّ الذي أبدعها بأي مردود مادي. الأغنية التي شكّلت منعطفاً في تاريخ الأغنية الطربية الخليجية وما رافقها من إرهاصات حتى خرجت إلى العلن في عام 1375هـ، جاءت بنية إنقاذ الأغنية «الشرقاوية» من غزو الأغاني التي لا تنتمي إلى بيئة الساحل الخليجي، ورافقت جيلاً تمايل على أنغامها زمناً وبكى مع أبياتها المحفزة للذاكرة المليئة بخوف ورهبة البحر. وأعاد ثلاثي أغنية «غدار يا بحر» الشاعر جواد الشيخ، والملحن عبدالرحمن الحمد، والفنان محروس الهاجري، أجواء السبعينيات التي لم يبق من ذكرها غير الجملة الدارجة «راحوا الطيبين»، في أمسية «قصة نجاح»، التي نظمها المنتدى الثقافي في جمعية الثقافة والفنون في الدمام مساء أمس الأول، وأدارها بروح مسرحية الفنان راشد الورثان، ضمن أجواء خشبة المسرح التي توزع ديكورها بين مقدم سفينة، وأبواب خشبية، وكراسي مقهى شعبي ظلله سعف نخيل. وافتتح المشهد الفنان الهاجري بمقطع من أغنية «غدار يا بحر»، مقدما لدخول الشاعر الشيخ الذي قرأ بعض أبياتها، ممهداً لدخول ثالثهم الملحن الحمد، وليستوي الثلاثة بصحبة مقدم الأمسية على مقعد خشبي. ولا يظهر ما إذا كان المضيف والضيوف أدوا بروفات سابقة للأمسية، وما يوحي بتحولها إلى عمل مسرحي، تداخل الذكريات وردود الفعل على خشبة المسرح، وبين إشارات ضمنية لحدث ما، وتصريح بمواقف خاضها الثلاثي، تكشفت معاناة المجتمع الفني، وأبرزها الدعم المادي الذي بدا متواضعاً في السبعينيات واستمر متواضعا حتى الآن، وربما يستمر كذلك مع إعلان وزارة الثقافة حالة التقشف في جمعية الثقافة والفنون. وذكر الشيخ أنه كتب قصيدة «غدار يا بحر» في عشر دقائق، على خلفية سماعه المطرب الكويتي عوض الدوخي، من مذياع في سطح منزله ليلاً، مضيفا أنه لم يضف أو يعدل أو يغير على القصيدة منذ كتابتها وحتى تلحينها وغنائها، مشيرا إلى عرضه القصيدة على الملحن الحمد، الذي عكف عليها نحو ثلاثة أشهر ليخرج بلحن لها، ثم ليغنيها الهاجري. وجاءت القصيدة، بحسب الحمد، ضمن تاريخ الشرقية ببحرها والغوص فيه ومخزونها التراثي، وعلى رغم أنها ليست الأولى بين الثلاثي إلا أنها أخذت مكانتها في العالم العربي. وتخفي أغنية «غدار يا بحر» عملاً خطط له الثلاثي، هدفوا من ورائه «لإنقاذ الأغنية الخليجية»، إلى جانب العمل على إشاعة وتلحين أغانٍ ضمن الموروث «الشرقاوي»، بعد أن انتشرت أغانٍ تنتمي إلى ثقافات ومناطق مختلفة من المملكة والوطن العربي. وغنى الهاجري ضمن سلسلة فقرات الأمسية أغنية «راحت»، وشاركه في العزف على العود الحمد في أغنية «بعدك حبيبي». وأخذت أغنية «ياللي تزفونه» حيزاً من المسرح، وبيّن الشيخ أن مطلعها مأخوذ من فلكلور شعبي من منطقة الأحساء. وتنوعت أغاني الثلاثي بين العاطفية والوطنية والطربية والخاصة بالمناسبات، وأعاد الحمد الفضل في البدايات إلى الشيخ؛ حيث ساهم بماله الخاص في دعم المشروع، مبينا أن «العمل الفني في حاجة إلى دعم لا نهائي»، مشيرا إلى عدم تلقيهم أي دعم مادي في إنتاج أعمالهم وبخاصة «غدار يا بحر»؛ حيث يؤكد الثلاثي أنهم لم يستفيدوا منها ماديا «رغم أنها ملأت جيوب الآخرين»، مضيفين أنها «نجحت تجارياً ولكن لم نستفد من ذلك». ويعتقد الثلاثي أن مردود الأغنية المعنوي كان كافياً؛ حيث سمعوها في كل مكان، من المنطقة الشرقية مروراً بالرياض، ووصلا إلى إحدى الدول في شمال إفريقيا. وخُتمت الأمسية بتقديم لوحات تشكيلية للضيوف، وأهدى التشكيلي عبدالرحمن السليمان لوحة إلى الهاجري، فيما قدم التشكيلي عبدالله الشيخ لوحة إلى الحمد، وأخيرا قدم التشكيلي عبدالله المرزوق لوحة إلى الشيخ.
مشاركة :