فِي الآوِنَة الأخيرَة؛ بَدَأَت تَعلو مُفردة الذَّات، والإحسَاس بالغيريّة، والشُّعور بالاختلَاف، لذَلك تَجد الكُلّ يَقول: «أنَا لَستُ مِثل غَيري»، أو «أنَا مُختَلف»، أو «أنَا لَا يُشبهني أَحَد»..! كُلّ هَذا الكَلَام مَقبول ومَشروع، ولَكن الاختلَاف والتميُّز لَهما أدوَاتهما، ووسَائلهما، وعَلَامَاتهما، وبالمِثَال يَتّضح مَا نَحنُ بصَددهِ مِن مَآل: هُنَاك أُغنية لـ»حسين الجسمي» تَقول: لَا تُقارني بغيري تربط النّاس بمَصيري إنتَ أكثَر شَخص يفهم إنِّي مَاني مِثل غيري إنَّ مِثل هَذه الكَلِمَات تَتسرّب إلَى النّفوس، فيَشعر الإنسَان بأنَّه مُتميّز؛ دون أنْ يَكون مَالِكًا لأدوَات وعَلَامات التَّميُّز..! إنَّني مَع التَّميُّز، ومَع الاختلَاف، ولَكن لَا يَكون اختلَافًا مِن وَرَق، أو تَميّزًا بِلَا أَدلّة، لذَلك دَعوني أُعطيكم مِثالًا للتَّميُّز والاختلَاف؛ اللذان يَصْدقان عَلى أَرض الوَاقِع: ذَات مَرَّة سُئِل الرَّئيس الأسبَق «محمد حسني مبارك»- وهو في لَندن - «مَا الفَرق بَينك وبَين عبدالناصر والسادات»؟ فقَال: (أنَا اسمي محمد حسني مبارك)..! ولَمّا سَألوا الكَاتِب السَّاخِر الكَبير «أوسكار وايلد» مَن أَنْت؟ قَال: «أنَا لَستُ أَمريكيًّا، ولَا أُحب أَمريكا».. وحِين سَألوه في الجَمَارك: مَاذا تَحمل مِن المَمنُوعَات؟ قَال: «مَعي عَبْقَريّتي»..! وكَم يعجبني تَميُّز رَائِد مَدرسة الإحيَاء؛ في الشِّعر العَربي الحَديث، وأعنِي بِهِ «محمود سامي البارودي»، عِندَما تَميّز قَائلًا: أَسِيرُ عَلَى نَهْجٍ يَرَى النَّاسُ غَيْرَهُ لِكُلِّ امْرِئٍ فِيمَا يُحَاوِلُ مَذْهَبُ كَما يعجبني الشَّاعِر الزَّهاوي، حِين يَقول: وَمَازِلْتُ فِي جَوٍّ مِنَ الفِكْرِ طَائِرًا وَمِنْ عَادَتِي أَنْ لاَ أَطِيرَ مَعَ السِّرْبِ حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُشيد ونُؤيِّد وندعم التَّميُّز والاختلَاف، ولَكن يَجب أن تُدركوا أنَّ التَّميُّز لَه عَلَامَات، ومَن ادّعى التَّميُّز بِلَا عَلامَات، فليَغرب عَن وَجهي..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :