دبت الخلافات في صفوف مرشحي المعارضة الموريتانية بسبب اختيار النظام للمرشح بيرام ولد الداه اعبيد المتحصل على المرتبة الثانية خلال الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية يونيو الماضي. ودعا المرشح ولد اعبيد في مؤتمر صحافي عقده الخميس في نواكشوط، المعارضة إلى أن “تتماسك أكثر وألا نكون جدارا ينهار أمام مناورات قادمة من عمق النظام”. وقال ولد اعبيد إنه لا يبحث عن حوار منعزل دون باقي مكونات المعارضة وإنما عن حوار علني مع كل المعارضة ويصب في مصلحة موريتانيا ويعطي للشعب حقوقه ويثبت الاستقرار واللحمة بين مكونات الشعب. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة “الأخبار” المحلية إنه “تفاجأ من صدور بيانات وتصريحات عن بعض مرشحي المعارضة والأحزاب والشخصيات الداعمة لهم تتحدث عن الرفض البات لهذا الحوار”، لافتا إلى وجوب أن يتحلّى مرشحو المعارضة بالشفافية في تعاملهم مع الكتل الداعمة لهم. وكان من المنتظر أن تتوسع المشاورات، لتشمل المرشحين الثلاثة الآخرين لكن ولد اعبيد ألمح إلى عدم استعداد النظام لتوسيع دائرة المشاركين في الحوار، وأكد أنه اشترط أن يكون الحوار علنيا ويشمل بقية أطراف المعارضة، وهو ما أوضحت البعثة أن الحسم فيه ليس من اختصاصها ووعدت بالرد على شرطه لاحقا. وشدد بيرام ولد الداه اعبيد على أن التفاوض مع النظام قرار تم اتخاذه من طرف مرشحي المعارضة الأربعة في اجتماع سابق، مؤكدا أن المعارضة على اطلاع بالخطوات التي قطعها في الحوار مع النظام. واستجاب النظام الموريتاني لدعوات كانت قد أطلقتها المعارضة للحوار، لتجنب المزيد من العنف في البلاد. وأعلن ولد اعبيد عن بدء مفاوضات مع النظام، وذلك في مؤتمر صحافي جمعه بالناطق الرسمي باسم الحكومة سيدنا عالي ولد محمد خونا مساء الثلاثاء. وقال ولد اعبيد بعد اللقاء وبحضور وزير الوظيفة العمومية إنه كان لقاء تمهيديّا للحوار ”وأنه جرى في أجواء إيجابية من شأنها أن تساهم في تهدئة الأجواء وتنقيتها للخروج من الأزمة”. وأوضح ولد اعبيد أنه خلال اللقاء طرحت مختلف النقاط التي من شأنها تنقية الأجواء بداية بالإفراج عن المعتقلين، وفي مقدمتهم الصحافي أحمدو ولد الوديعة، بالإضافة إلى وقف المتابعات القضائية في حق المعارضين في الخارج. وأكد ولد اعبيد أن مواقف مرشحي المعارضة الأربعة موحدة، وأن هذه المعارضة ستدخل الحوار ككتلة واحدة، لأنها “موحدة اليوم كما لم تكن في أي وقت سابق”. وكان مرشحو المعارضة الأربعة قد دعوا إلى حوار مع السلطة لتهدئة الأوضاع، وتطبيع الساحة السياسية بعد رفض المعارضة نتائجَ الانتخابات الرئاسية. وشهدت البلاد أعمال شغب واحتجاجات ضد فوز مرشح الأغلبية محمد ولد الشيخ الغزواني بنسبة 52 بالمئة في الدور الأول للانتخابات الرئاسية الماضية، بعدما اتهمت المعارضة السلطة بالتزوير. لكن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قالت إن هذه الانتخابات كانت “شفافة ولم تسجل أي خروقات”. وقدم العديد من قادة الدول تهاني للرئيس الموريتاني المنتخب محمد ولد الغزواني، الذي ينتظر أن يتسلم مهامه رسميا في 2 أغسطس المقبل. وأوضح ولد اعبيد الخميس أن ما اطلع عليه حتى الآن في خطوات التمهيد للحوار مع النظام التي يقودها، يؤكد أن هذا التفاوض يتقدم بطريقة تبعث على الثقة، مؤكدا أنه لم يلاحظ أي خلل.وقال ولد اعبيد إن المرشحين توصلوا إلى أن الحل القانوني أغفله المجلس الدستوري، بينما يمثل حل الشارع خيارا كارثيا خطيرا ومضرا بالشعب والوطن، وخصوصا بعد أن قام النظام بتجييش الشارع. واستبقت السلطات الحوار بإطلاق سراح ناشطين من أنصار المعارضة اعتقلوا خلال الاحتجاجات، ما اعتبر مؤشرا جديا على رغبتها في إيجاد تسوية للأزمة المرشحة للتفاقم لاسيما بعد دخول أطراف أجنبية على الخط. وقال وزير الداخلية الموريتاني أحمد ولد عبدالله إن هناك “محاولة لزعزعة استقرار البلاد” منددا بـ“أيدٍ أجنبية” تقف وراء الحوادث التي وقعت غداة الانتخابات الرئاسية في العاصمة نواكشوط ونواذيبو شمال غرب البلاد. وتم استدعاء سفراء السنغال ومالي وغامبيا من قبل وزير الخارجية الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي طلب منهم دعوة مواطنيهم “إلى الامتناع عن المشاركة في تظاهرات وكل ما يعكر صفو النظام العام في موريتانيا”. وفي المجتمع الموريتاني خليط من الاثنيات العربية والأفريقية. كما تم توقيف الرئيس السابق لـ“قوات التحرير الأفريقية لموريتانيا” سامبا تيام نحو الساعة الحادية عشرة مساء، في منزله من جانب رجال شرطة باللباس المدني صادروا كمبيوتره ووثائق، بحسب ما أفادت به أسرته الأربعاء.
مشاركة :