لو كان هناك مؤسسة رسمية نتمى ان تتطبع بسلوك رئيسها لقلنا بلا تردد: هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالدكتور عبداللطيف آل الشيخ قدم من خلال حديثه مع قناة روتانا خليجية شكل التربية الاسلامية التي لا يخرج منها الا معروف ولا تنهى إلا عن منكر.. فالرجل لا يحمل في قلبه خصومة لمنتقديه ولم يقابل دسائس المتربصين له بسلطة واقصاء على الرغم من قبح سلوكهم ودونيتهم. آل الشيخ اعترض بأدب على تغطية الإعلام لأخبار الهيئة وهو اعتراض مبرر من الناحية الاخلاقية والمهنية، ففي أغلب الأحداث التي تكون الهيئة طرفا فيها يأخذ الاعلام وجهة النظر الأخرى وهذا الى حد ما مقبول لخدمة الإثارة وتصيد الجمهور، ولكن من غير المقبول أن يصدر الاعلام حكما لصالح أحد أطراف القضية قبل أن يصدر القضاء حكمه، وهذا السلوك مجَّرمٌ قانونا واخلاقا في كل دول العالم، بل ان بعض الدول المتقدمة تعطي القاضي صلاحية النشر من عدمه حتى لا تتأثر أطراف القضية بعملية النشر، فحكم الاعلام في قضية لم يصدر بها حكم يعد تجاوزا من الاعلام على وظيفة القضاء، فللإعلام حق النشر بموضوعية لما حدث، ولكن ليس له الحق في إصدار الحكم قبل القضاء. هنا نحترم أكثر اعتراض معالي رئيس الهيئة الذي لم يكن اعتراضا شخصيا بل كان اعتراضا اخلاقيا، اعتراضا يصوب سلوك الممارسة ولا يلغيها، وهنا يجب ان تتدخل وزارة الاعلام لتساهم في تصحيح مسار النشر الخاص في القضايا المنظورة أمام القضاء لكي لا يتحول الخصم الى حكم. مشكلة الهيئة مع المجتمع ان اخطاءها مكشوفة ومعروفة، هذا الوضوح جعل من اخطاء اعضائها الفردية اخطاء تنسحب على عمل الهيئة بشكل عام، ومشكلتها ايضا انها تقف في الصف الامامي في صراع بعض التيارات الفكرية فيتم التعامل معها كرافد حيوي في الصراع وليس كمؤسسة رسمية خدمية تحكم بضوابط النظام، رئيسها يريد باخلاص ان يحمي ممارستها الميدانية من هذا الصراع ولهذا يواجه تحديا من طرفي الصراع طرف يطالب بالغاء جهاز الهيئة وطرف يطالب بالتشديد في إجراءاتها الحسبية، المفارقة العجيبة إن كلا الطرفين لا ينتمي وظيفيا لجهاز الهيئة، فقط يريدونها دائما أن تكون ميدانا لصراعاتهم الوهمية والمخادعة والكاذبة، فآل الشيخ وجهازه ضحية لمعركة هم ليسوا طرفا فيها. يبقى امام الشيخ عبداللطيف تحد مر وهو التحدي الذي يواجهه من داخل وظيفته ومن الذين يحسب عليها، آخرها رفع بعض منسوبي الهيئة لعريضة تريد مساواة اعضاء الهيئة مع رجال الضبط الجنائي، هذه المطالبة تمت من خلف ظهر رئيسها، ويبدو ان من قام بهذا الفعل أراد احراج رئيسه امام المسؤولين، أو عرف ان رئيسه يسعى لمساواة اعضاء الهيئة مع رجال الضبط الجنائي واراد ان يحرق عليه هذا الطلب بمسابقته للمسؤولين بدون إذن من رئيسه. الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر إلهي لا اجتهاد في قبوله أو رفضه، ويبقى امر تطبيقه لجهاز تشرف بهذا التوجيه الرباني، وسلوك رئيس الهيئة جزء اساسي من تطبيق عمل الهيئة فلنحترم سلوك الرجل واخلاقه التي لا يمكن ان توصف الا بانها اسلامية شكلا ومضمونا.
مشاركة :