كم مرة جربت أن تكون مجنونا ؟ الإجابة قد تكون ولا مرة ، وهذه اجابة منطقية بحكم إن الجنون مرض لا يأتي بالتجربة الاختيارية، والاجابة الواقعية ان لم يكن جميع ابناء حواء فأغلبهم مجانين، أنظر الآن بوجه الذي أمامك، ودقق وافحص حركاته ألم يكن مجنونا سابقا ، أو مرشحاً أن يكون مجنوناً محتملاً ، خفف الآن من ضيقك وإلا دخلت نادي المجانين، لا يصيبك الهلع فالمجانين كائنات تبدأ بإيذاء نفسها قبل أن تؤذيك، فإن علا الصراخ أجمع نفسك واحملها على شجاعة الهروب، فلقاء غضب الجنون جنون، فالجنون المؤقت انفعال مدر، عكس الجنون المرضي الذي قد يكون مسكيناً ويائساً ومسلياً، تخافه ولكن ترحمه، أما الجنون المؤقت فتكرهه وتمقته وتلعنه .. وخاصة الزوجات، إن سلمن من جنون النهار كان مساؤهن أكثر جنونا، وبالذات اللاتي أزواجهن يشبهون المسلسلات الرمضان ففي كل مشهد لعنة واعتراض ومع هذا تستمر المشاهدة اللعينة، مثل استمرار الحياة الزوجية رغم نكدها. بصراحة أنا أتهم جميع من يقرأ هذا المقال بالجنون ، ولكن يبقى جنونا أفضل من العقل المعطل، أو الذي يشتغل فقط إن تحركت غرائزه، والأكثر الصراحة أنا مجنون وأكتب لمجانين! ولا نتغير إلا إذا غير العقل موضوعه، إذن ماهو موضوع العقل، هو شيء لا يعرفه العقل بعد ، وإن حاول أصابه الجنون. من كتاب بنيامين همفري سمارت الموسوم بالمنطلق العلمي، استخدم لعقود من السنين في ثانويات البنات في متصف القرن التاسع عشر ، وهو كتاب منسي الآن تماماً، يناقش سمارت أسلوب الشرح ، وقد سرد عددا من الأخطاء التي ترتكب بشكل عام ، ثم جاء إلى الخطأ العاشر، وهو نسيان القضية الأصلية، وبشأن هذا الخطأ يكفي المثل الآتي ،" قيل عن الغضب إنه جنون مؤقت، وأكثر الناس عرضة له أقلهم فهما وإدراكاً، ومن الملاحظ أنه عندما يكون الطرف الآخر على خطأ يسعى إلى إصلاح ماينبغي إصلاحه عن طريق الحجة بالعنف، ومرد هذا شعوره بالغرور والاعتداد بالنفس وهو أن يعترف بخطئه، ولأنه مصمم على أن لا يدان به، يسقط في نوبة انفعال شديد" . سمي الغضب جنونا مؤقتاً، لأنه يربك قدرة الإنسان على التمييز الصحيح والصائب، فتراه في لحظة يصيب أعز أصدقائه في ضرر، وفي لحظة أخرى يأخذه في الأحضان، والغضب يقود الإنسان إلى الأخطار، ولو كان ذهنه صافيا لكان أول من يرى هذه الأخطار فيتجنبها، وصحيح إن الغضب لا يشوش الذهن دائما بدرجة مساوية للعنف الذي يبديه، ولهذا يصح أن يوصف بأنه جنون مؤقت، وصلى الله عليه وسلم من كانت وصيته لنا بأن لا نغضب، وياليت بعض الدعاة يعملون بهذه النصيحة حتى لا يكونوا مجانين مؤقتين ويكون اتباعهم مجانين دائمين.
مشاركة :