المرأة والسينما بعد المرأة والرواية - د.مطلق سعود المطيري

  • 7/12/2013
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

قد لا أكون مخطئا، ولا أكون بنفس الوقت منصفا إذا أردت أن أصف عجائب ثقافتنا التي لا تكون ثقافة مرحبا بها إلا بالتخلي عنها، لا بأس في هذ التناقض فالقواعد العامة لأي عمل ابداعي لا تكون قواعد إلا عندما تحطم القواعد التي تؤطرها ، " أصنع قواعدك لكي تحطمها تكون مبدعا" . المرأة هيفاء المنصور والسينما فيلمها " وجدة " الذي صنع في الرياض كما تصنع عدسات النظارات، فالعدسة وحدها لا تكون نظارة قابلة للاستخدام إلا بإطار تستقر به العدسة ، وفيلم هيفاء نجح بسحر الإطار الذي لم يقدم على الشاشة، لا يضر العمل شيئا إن كانت عوامل نجاحه مرئية أو غير مرئية ، وعلى الرغم من الاغراءات الدراجة البناتية التي تدور حولها قصة الفيلم ، إلا إن المشاهد الكثيرة التي لم تلتقطها عدسة كاميرا المخرجة المبدعة هي قصة الفيلم الحقيقية ، وهذا الشيء ما يميز بها ثقافتنا في ذهن الآخر البعيد عنا مكانا وزمنا، فالغياب دائما يحمل معاني وجودنا إن أردنا الجد أو أراد غيرنا التسلية. اللهم لا حسد الفيلم باع 250 ألف تذكرة ، وطاف على مدار عام أكثر من عاصمة أوربية وعربية، وحظي بتكريم كبير، واخيرا وليس آخرا سوف يعرض هذا الأسبوع في عدة مدن بريطانية، كل هذا النجاح وأنا أدعي أن مشاهد غير معروضة بالفيلم هي التي دفعته للتكريم والنجاح، إن لم يكن هذا الادعاء حسدا فماذا يكون، يكون شيئا من عدم الإنصاف، فليس مطلوبا مني أن كون منصفا مع السينما! فعدم العدل في كل الأحوال مع الفن عدل، ومثلما قال من وصف : " الفن جنون " اعتراف شامل عند كل فلاسفة الفن ، بدون أن نجد فنانا واحدا يعترف أنه مجنون !! نعود لبنت المنصور ونتسلى معها بالمشاهد التي لم تعرض بفيلمها وهي التي تقف وراء نجاحه، أول هذه المشاهد المخرجة سعودية، وهنا الابداع للهوية وليس للنص والكاميرا، فالعالم يريد أن يشاهد هوية صاحبة العمل وليس العمل، كما يريد أن يتعرف على اسباب منعنا لفيلم سعودي يعرض في كل العالم ولا يعرض في بلده، يريد ان يتسلى ويشارك في خروجنا من المخبأ الموجود في ذهنه، لكي نكون كما صورنا هو وليس كما نكون نحن، المشاهد والناقد العالمي يرى في مشاهدة اعمالنا الفنية بطولة، ولا يريد أن يحرم نفسه شرف هذه البطولة . هل ستفتح هيفاء المنصور شهية النساء في المملكة على اخراج افلام سينمائية ؟ مثل ما فتحت كاتبة روائية سعودية شهية الكاتبات اللاتي جئن بعدها ، أم انها كانت اختباراً حقيقياً استفاد منه منتجو الافلام بالعالم ، وتعرفوا من خلال عملها إن المشاهد العالمي يريد أن يعرف أكثر عن حياتنا سينمائيا، وهنا لا بد أن يستجيب الاستثمار الأجنبي والكسب . نحتاج من هيفاء أن توجه كاميراتها للحياة التي نجح عملها بسببها، وإلا صادتنا كاميرا صياد ماهر يعرف جيدا ماهي حاجة غيرنا بنا.

مشاركة :