مع أنه لم يمض حين طويل من الدهر على اعتلاء الملك سلمان لسدة العرش، إلاّ أن ثمة انطباعات عامة رسمتها شخصية الملك الفذّ في أذهان الناس، أول هذه الانطباعات وأشدها حضورًا هو الحزم، وعاصفة الحزم خير مثال يُتوج هذا الانطباع الجميل الذي يعطي للدولة هيبة مضاعفة ومكانة في القلوب خاصة. وكلنا متفائل بارتفاع درجات مؤشر الحزم في الداخل تدريجيًا إن شاء الله لأن ذلك يعني تلقائيًا تراجع مؤشر الفساد، وحتى يتحقق هذا الإنجاز بقوة، فلا بد من تعاون أجهزة الدولة عمومًا، وتلك المعنية بالحرب على الفساد مباشرة على وجه الخصوص. وعلى رأس القائمة تأتي الهيئتان الموقرتان هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، وهيئة الرقابة والتحقيق، ولن أنسى -طبعًا- الدور الكبير لديوان المراقبة العامة، لكني أشعر أن تطوير أداء الهيئتين سيخفف بشكل ملحوظ دور الديوان لأن الفساد المالي أصله إداري نابع من استغلال النفوذ والتواطؤ مع «سراق» المال العام. ولست أدري ما الذي يُطبخ في داخل (نزاهة)؟ هل هي وجبة مشبعة ترد غوائل الفساد؟ هل هي على نار هادئة أم ثائرة؟ هل ستعيد الهيئة النظر في إستراتيجيتها السابقة بالنظر لتولي قائد جديد زمام أمورها؟ وبغض النظر عن كل التنظير الذي يسبق العمل، فإن أهم مؤشر لدى الناس هو تراجع الفساد! العبرة بالنتائج لا بالتفاصيل التي تسبقها، ولا بالمبررات التي تحيط بها، ولا بحسن النوايا التي تعمل في ضوئها. بصراحة لا بد من البحث عن آليات عمل مختلفة تؤدي إلى نتائج مبهرة، ومن أهمها على الإطلاق تيسير الإبلاغ عن أوجه الفساد؟ وكذلك كفاءة التحقق من صدقيته، فإن يك المبّلغ كاذبًا عوقب عاجلاً، وإن يك صادقًا فبتر الفساد لا بد أن يكون كذلك عاجلاً، وفي الوقت نفسه باهظًا بالنسبة للمفسد وكذلك مؤلمًا. وكم من القصص تُتلى في مجالس خاصة يشيب لها رأس الوليد تذهب أدراج الرياح مخافة (التورط) في الإبلاغ تحقيقًا وتعطيلاً للمصالح وترصدًا وانتقامًا. ولعلّي أقترح من باب التشجيع على الإبلاغ عن الفساد قضاء حاجة أو مصلحة المبلّغ (النظامية) دون تعطيل، فالخوف على المصلحة هو أكبر دافع على الخوف والمجبنة. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :