ترقب المواطنون كثيراً يوم أمس كلمة الملك يحفظه الله لاعتبارات كثيرة، ليس أولها أنه خطابه الأول الشامل منذ اعتلائه العرش، وليس آخرها كثرة المتغيرات والأحداث التي تمر بها المنطقة بأسرها، بل العالم كله يبدو وكأنه قد احتشد فوق سفينة هائلة تبحر عبر أمواج مضطربة. وكنت أتلمس أهم الثوابت في الخطاب الملكي لأن عبق الثوابت يمنح المواطن كثيراً من الاستقرار والاطمئنان ليومه كما لغده وغد أبنائه. أول الثوابت الشعور بأن وضعنا المالي ولله الحمد بخير، وهو راسخ بالرغم من تأثرنا بتدهور أسعار النفط كما أشار الملك، لكنه تدهور عارض وإن طال، وعلاجه متوافر. ربما كان في الدواء شيء من المرارة، لكن لم يسلم من هذه المرارة غيرنا حول العالم، ونحن جزء من العالم. ومن الثوابت التي تسر، حرص المليك على دعم التعليم، إذ قال: (أما فيما يتعلّق بالتعليم، فحرصت الدولة على أن تكون أبرز استثماراتها في تنمية الإنسان السعودي حيث وفّرت كل الإمكانات والمتطلبات اللازمة لرفع جودة التعليم وزيادة فاعليته ورفع مستوى منسوبيه وإكسابهم المهارات المطلوبة). تلكم موسيقى لا يمل السامع منها، فالتعليم هو حجر الأساس الذي إن تحققت غاياته أغنتنا عن النفط وتقلباته لآماد طويلة. ويرافق التعليم التطبيب، ويؤكد الملك اهتمامه بهذا الجانب قائلاً: (يظل القطاع الصحي من أبرز اهتماماتنا، فالدولة مسؤولة عن توفير الرعاية الصحية اللائقة للمواطنين، وواصلنا توفير أوجه الدعم لهذا القطاع، البشرية والمالية، مما أسهم في رفع مستوى هذه الخدمة مع تطلعنا إلى استمرار الارتقاء بها، بما في ذلك توفير المزيد من الكوادر البشرية الوطنية، من خلال التوسع في افتتاح الكليات الطبية والصحية ورفع نسبة المبتعثين في التخصصات الطبية). ولقضية الإسكان مكانة لم تغب عن خاطر صاحب القرار رعاه الله. ومع أن المنجز من الوزارة ما زال متواضعاً، إلاّ أن الاهتمام به قائم وكبير. تعثر الحلول العملية لهذه المعضلة له عواقب كثيرة ليس أولها العقبات التي تحول دون استكمال عشرات الألوف لنصف دينهم، ولا آخرها مشاعر القلق والتوجس التي تتملك المواطن الذي لا يملك حلاً سوى الانتظار، وهؤلاء كثر والعناية بهم واجبة. شخصيا أشعر باطمئنان للقضايا الكبرى الدائمة. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :