مفهوم العدل في الفكر الاجتماعي (8/‏‏5)

  • 8/2/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نقد وتحليل لفكرة القانون الطبيعي: إننا نرى من واقع مقارنة الأفكار السابقة أن فكرة القانون الطبيعي هي فكرة مثالية، فهي لا تبحث عن أصل الأفكار وإنما تجعل الأفكار معطى أول ينتج عنه واقع المجتمعات المادية، وقد وصف أصحاب نظرية القانون الطبيعي هذا القانون بالخلود، أي أنه موجود لدى كل إنسان في كل زمان وفي كل مكان، وقيل إن مبادئ حقوق الإنسان مستمدة من القانون الطبيعي الذي هو القانون الخالد المستمد من العقل السليم الخالد، ولكن لم نجد مثالا واحدا قيل إنه مستمد من ما يسمى بالقانون الطبيعي الخالد إلا ووجد من الشعوب والثقافات من يخالفه دون أي شعور بالذنب بل قد يصل الأمر إلى الشعور بالفخر على القيام بعمل يخالف ما يسمى القانون الطبيعي ولكن لا يخالف ما سارت عليه قبيلة معينة أو شعب معين، وقد انتقدت هذه الفكرة من قبل بعض الفلاسفة كـ(كارل ماركس) فقد حلل في نظرياته الواقع الاجتماعي بما فيه القيم الخلقية أو قواعد العدالة التي يراها مجتمع معين، فهو يقول في ذلك:  «إن الطبيعة والعالم المادي هي المعطى الأول بينما الوعي والفكر هما المعطى الثاني المشتق من المعطى الأول، إذا صح أن العالم المادي هو واقع موضوعي يستقل في وجوده عن وعي الناس، بينما الوعي هو انعكاس لهذا الواقع الموضوعي؛ فإن نتيجة ذلك أن حياة المجتمع المادية وكينونته هما أيضا المعطى الأول بينما حياة المجتمع الروحية هي المعطى الثاني المشتق من المعطى الأول». مفاد ذلك أن الأفكار الاجتماعية هي انعكاس لتطور التاريخ المادي الموضوعي، بل حتى نصوص الدين تخضع لهذا التطور، وعليه فإن الأفكار الاجتماعية والدينية هي انعكاس لتطور التاريخ المادي الموضوعي، ونستطيع أن نوضح ما ذكرناه سابقا بما يقوله ستالين: «إن الظروف الخارجية ووضع الناس في الحياة الاجتماعية هي التي تتغير أولا ثم يتبع ذلك تغير وعيهم نتيجة لذلك»، وذلك أن الإنسان في واقعه هو مجموعة العلاقات الاجتماعية. ولإيضاح ذلك كله نسأل السؤال التالي:  س: لماذا ظهرت فكرة ما في أيامنا هذه ولم تظهر في القدم؟ إن العديد من الأفكار نتجت جراء تطور موضوعي ومادي للمجتمع؛ لذلك قد نجد فكرة معينة لم توجد في السابق ولكن الظروف الموضوعية لمجتمع معين في بيئة معينة انعكست على تفكيره فأدت إلى وجود مثل هذه الفكرة، والأخلاق التي يدعى أنها تتصف بالثبات والخلود (القانون الطبيعي) المستمدة من العقل السليم المجرد عن الأهواء لا وجود لها إلا من خلال الواقع المادي الذي يعيشه المجتمع، وذلك أن هذه الأفكار الأخلاقية لا تعدو عن كونها انعكاسًا للعلاقات الاجتماعية الموضوعية للتطبيق العملي الاجتماعي.

مشاركة :