مفهوم العدل في الفكر الاجتماعي (8/‏6)

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مفهوم العدل وفق منظور النظرية التقليدية للعقد الاجتماعي: دائما ما نسمع من السياسيين ورجال القانون وأساتذة القانون الدستوري، ترديدا لمصطلح العقد الاجتماعي، وبأن هنالك عقدا يحكم العلاقة بين السلطة الحاكمة وبين الشعب، تفرض على كلا طرفيه واجبات وحقوق، ولكن لم نفهم الأساس العلمي والنظري لهذا المصطلح، ولم نكن نعلم ما هو الإلزام في عقد أبرمه أباؤنا أوأجدانا دون أن نكون مشتركين في وضعه وإبرامه، لذلك لا بد لمعرفة هذا المصطلح من معرفة النظريات التي نادت به ومعرفة أسباب إلزام هذا العقد لنا في الوقت الحاضر.  فالنظريات التعاقدية نظريات خيالية تفترض حالة الفوضى والحرب والإضطراب كان يعيشها الأفراد في حالة الفطرة، الشيء الذي أجبرهم على التعاقد وإنشاء مجتمع سياسي على النحو الذي صوره لنا فلاسفة العقد الاجتماعي، هذه الفكرة يتفق عليها فلاسفة العقد الاجتماعي التقليديون وإن اختلفوا في حدود طاعة القانون وذلك باختلاف الواقع الموضوعي الذي كان يعيشه فلاسفة العقد الاجتماعي.  إن العنصر الجوهري في هذه الفكرة القديمة هو البحث عن وجهة نظر ترجع إلى ما هو قديم من حيث الزمان لتحديد مصدر طاعة القانون فنحن ملزمون بطاعة القانون ليس لأنه يشمل على خصاص القانون، وليس لأنه جيد أو سيئ أو أن ما يترتب على الإخلال به أثار ضارة وإنما لوجود إتفاق مسبق يلزمنا بطاعته، هذا الإتفاق هو الذي نقل الأفراد من حالة الفطرة إلى المجتمع السياسي المنظم.  ولكن وإن كان أصحاب نظرية العقد الاجتماعي يتفقون مع بعضهم في وجود مثل هذا الاتفاق إلا أنهم يختلفون فيما بينهم في حدود هذه الطاعة، هل القانون ملزم الطاعة بموجب هذا العقد ولو كان ظالما أم أنه غير ذلك إذا خالف حالة الطبيعة: • فوفقا لسقراط على المواطن أن يطيع القانون في كل شيء لأن:  • الطاعة العامة هي شرط في وجود المجتمع وإلا دون ذلك الفوضى. • يدين المواطن للدولة بكل شيء بما في ذلك حياته أو حياتها. • وافق المواطن، صراحة أو ضمنا، طبقا لحقيقة أنه يتلقى فوائد من الدولة ولم يختر الهجرة، على طاعة كل القوانين. • للمواطن فرصة إقناع الدولة من خلال طرق مشروعة لتغيير القوانين ولكن ليس له الحق في عدم طاعتها.  بينما يرى هوبز وهو من الفلاسفة الذين سلف وأشرنا إليهم، أن مصدر الالتزام بطاعة القانون هو الاتفاق الذي يضع القانون موضع التطبيق، الاتفاق الذي يبرم عندما يمنح أغلبية الناس السلطة للأقلية او لشخص واحد يكون قويا بصورة كافية لإخضاع دولة الحرب الطبيعية، ومن ثم المحافظة على الأمن.  وهذا العقد الأصلي يتضمن استبدال حريتهم الطبيعية بالأمن والحماية. فمادامت السلطة تمنح لشخص أو لفئة فإن أيا منهما يستطيع أن يفرض القانون، فالعقد ملزم. بينما يفسر لوك العقد على أنه تحدي للسلطة المطلقة كما يراها هوبز، فهوبز يرى أن العقد يظل نافذا في ظل القهر المتطرف بل حتى ظل الإستسلام للقوة العسكرية يظل العقد نافذا.  أما لوك فيرى أن ثمة مبادلة مشروطة بدقة، فمن يصبح من المحكومين بإرادته يمنح السيادة أو الحق في السيادة للحاكم بشرط أن يدير الدولة بصورة عادلة وكافية وأن يفرض السلم والأمن كذلك.  فبالنسبة لهوبز الذي وضع مبادئ التقاليد الوضعية الآمرة تكون إرادة السيادة مطلقة. وبالنسبة للوك تقيد السيادة بقاعدة القانون الديمقراطية.  وإذا لم تتحقق شروط المبادلة من جانب من له سيادة فإن العقد يبطل ومن ثم يبرر التمرد على القانون.

مشاركة :