شتّان ما بين الرأي العام المحلّي والعربي عام 1990 زمن غزو الكويت ومن ثم تحريرها في عمليّة (عاصفة الصحراء) وعام 2015م زمن تلبية استغاثة الجار الآخر الجنوبي في عملية (عاصفة الحزم) لإنقاذ اليمن من عصابة الحوثي وزبانية المخلوع غير الصالح ومن ورائهم إيران الطامعة بإدخال العرب تحت عباءات ملالي الفرس والاستيلاء على مقدرات الأوطان. في عام 1990 بالرغم من فجائية غزو الكويت وتشريد أهلها فقد حاول الملك فهد رحمه الله باحتواء الأزمة سياسياً وكرر الاتصال بالرئيس العراقي لحثّه على التراجع عن حماقته بالطرق السلمية إلا أن الغرور بالقوة لعب لعبته فلم يكن هناك من خيار آخر غير استخدام ذات اللغة بتكوين تحالف دولي يحقق الهدف عسكرياً وهو ما شق الصف بعد تهييج الشارع العربي وإيغار صدور العوام على بلادنا وقراراتها المتعلّقة باستعادة الكويت كدولة ذات سيادة وعودة حكّامها وحكومتها، وللأسف انجرّ آنذاك بعض الغوغاء من بني جلدتنا وصدقوا الأكاذيب التي أطلقها المعتدي ومن وقف في صفّه فاعتقد البعض بأن الجبهة الداخلية غير متماسكه وراهنوا على تحريك الداخل للتأثير معنوياً على القوات في جبهات القتال ولم يحدث ما تمنّوا. أروي هذا للجيل الجديد بحكم معايشتي ومشاركتي في (عاصفة الصحراء) التي مر عليها اليوم حوالي ربع قرن حتى يعرفوا الفارق بينها وبين (عاصفة الحزم) مع تشابه الظروف واختلاف الوعي المجتمعي الذي ساعد في نُضجه تعدد مصادر المعلومات وتطور وسائل الاتصال وولادة الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) مما سهّل على أكثر الناس بساطة إدراك الحقائق والاطلاع على ما يدور أولاً بأول وبالتالي المساهمة في تكوين رأي عام مُساند للقرارات السياسية التي اتخذتها وتتخذها حكومة بلادنا. اليوم وفي عاصفة الحزم كان السياسي على يقين بقوة وتماسك الجبهة الداخلية وعلى ثقة بأن كافة أطياف المجتمع ستقف مؤيدة ومباركة لأي خطوة يتخذها قائد البلاد لأن الناس كل الناس في الداخل على يقين بحكمة وبعد نظر قيادتها وبأنها تسعى لصالح الوطن وعزّته وشموخه فأذهل هذا الموقف من كان يظن ببلادنا السوء ويتمنى شق صفوفنا وإرباك قواتنا على الجبهة بإرباك جبهتنا الداخلية. لكل هذا.. حقّ لي القول بأن عاصفة الحزم وقد قارب انصرام شهر على هبوبها قد أنجزت أكثر من انتصار. نصرٌ في بعدها العسكري بالميدان وآخر سياسي (تأييد مجلس الأمن) وثالثهما نصر داخلي في جبهة عصيّة على الاختراق. هنيئاً لوطني كل هذا وحمى الله بلادنا من كل شر. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net
مشاركة :