سلط تقرير إعلامي الضوء على بعض الشخصيات والمؤسسات الأمريكية التي تكشّفت علاقتها بنظام الدوحة على السطح الإعلامي، بعدما أصبحت جزءاً من دائرة القوة الناعمة القطرية، لتنوب عنها وتخدم مصالحها. ووفق مصطلح «القوة الناعمة» ومؤلف كتابها الأكاديمي الأمريكي والسياسي المؤثر جوزيف ناي، فإنها ترتكز على ثلاثة موارد رئيسية هي الثقافة، والقيم السياسية، والسياسة الخارجية. وإذا ما أردنا إسقاط ذلك على قطر التي تهتم بسلاح القوة الناعمة، فإنها بالطبع لا تمتلك تلك المقومات وبالتالي تحاول أن تعوضها من خلال الريال القطري، أملاً في الدفاع عن سياستها والترويج لها داخل دهاليز صناعة الرأي السياسي والإعلامي والثقافي في الولايات المتحدة. وبحسب موقع «العربية نت»، قدمت قطر مبلغ 14.8 مليون دولار إلى معهد بروكنجز للدراسات، مما أسهم في تمويل مؤسسة تابعة للمعهد في قطر، ومشروع آخر حول علاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي. ومنذ عام 2017 تضاعف التمويل القطري لشركات الضغط إلى أربعة أضعاف، حيث شمل 23 شركة. وإلى جانب ذلك فقد ضخت قطر أكثر من 830 مليون دولار في ثلاث جامعات أمريكية فقط، هي «تكساس آيه إم، نورث، ويسترن، وجورج تاون»، التي تمتلك فروعاً لها في الدوحة. وبعد قرار دول الرباعي العربي مقاطعة قطر، قامت الأخيرة بعد يومين بالاستعانة بشركة Ashcroft Law Firm, LLC من أجل تقديم الاستشارات لصالحها، متضمنة صياغة أعمالها في ما يخص مكافحة الإرهاب، ومدى توافقها مع قانون الخزانة الأمريكي حتى تتحاشى العقوبات. جدير بالذكر أن تكلفة العمل بدأت بمبلغ 2.5 مليون دولار. وأشارت منظمة Open Secrets المهتمة بتتبع أعمال الحكومات الأجنبية في الولايات المتحدة، إلى أن قطر بعد المقاطعة أنفقت 5 ملايين دولار من خلال التعاقد مع خمسة مكاتب قانونية واستشارية، من أجل الضغط لصالحها في أمريكا. كما تعاقد مكتب المدعي العام القطري علي بن فطيس المري، مع شركة العلاقات العامة Blueprint Advisors بمبلغ 1.2 مليون دولار، من أجل الدفاع عن قطر ضد اتهامات دول المقاطعة المتعلقة بالتقارب مع إيران ودعم الإرهاب. وبحسب وكالة «فارا» لتسجيل الأعمال للحكومات الأجنبية في وزارة العدل الأمريكية، فإن الوثائق تظهر تعاقد أمير قطر تميم بن حمد مع شركة Lexington Strategies للضغط لصالح قطر، بمبلغ 1.450.000 دولار. وتعددت أعمال الضغط، بداية من وضع خطة لتسويق كأس العالم 2022 في الدوحة، ثم تقديم المشورة في كيفية التعامل مع أزمات الدوحة في دول الشرق الأوسط، وكذلك تشجيع الحوار مع المجتمع اليهودي خارج وداخل أمريكا، وأخيراً إرسال تبرعات مالية إلى منظمات يهودية وجيش الاحتلال «الإسرائيلي». وتلقى نيك موزين وجويل اللحام، وهما عضوان في جماعة ضغط معروفة، بمساعدة قطر لكسب ود حُلفاء الرئيس دونالد ترامب، ما يُقارب أربعة ملايين دولار من شركة علاقات عامة على صلة بالحكومة القطرية. وتضمن هذا العمل التودد إلى 250 شخصاً، يعتقد أن بإمكانهم التأثير في وجهة نظر الرئيس ترامب تجاه قطر، وحصل كلاهما على أكثر من ثلاثة ملايين دولار. ودفع عرض قطر لكأس العالم بتهم تفيد بأن ممثليها قاموا برشوة مسؤولين، وانخرطوا في حيل قذرة للإضرار بعروض المنافسين. وفي يوليو/تموز 2018، أوردت صحيفة صنداي تايمز البريطانية، أن مسؤولاً كبيراً يعمل لدى شركة العلاقات العامة الدولية Brown Lloyd James، بعث برسالة إلكترونية إلى أحمد نعيمة في عام 2010، جاء فيها أن الشركة قامت بحملة واسعة لتقويض ترشيحات الدول المتنافسة 2018 2022. وفي يونيو/حزيران 2018، أعلن موزين واللحام أنهما توقفا عن العمل لصالح قطر. لكنهما أعلنا عن جمع حوالي 7 ملايين دولار نتيجة ممارستهما الضغط نيابة عن المصالح القطرية، وكانا يأملان المزيد. ويقول الباحث في منتدى الشرق الأوسط الأمريكي Daniel Pipes عن دعم قطر للجامعات الأمريكية، إنه الأعلى من بين دول العالم. ووفقاً لمسؤولي استخبارات سابقين وخبراء آخرين، تنخرط قطر في عمليات تجسس سيبرانية سرية على الأراضي الأمريكية، وتقدم ملايين الدولارات لأشخاص نافذين داخل واشنطن، كجزء من حملة مستمرة لتغيير المشهد السياسي الأمريكي، حيث يقال إن بعض أقوى الدبلوماسيين والنافذين السياسيين يعملون نيابة عن الدوحة. وعلى الرغم من أن قطر كانت تُموّل منذ سنوات، عدة مراكز أبحاث بارزة مرتبطة بالبيت الأبيض مثل معهد بروكنجز، فإن مدى تأثير عملياتها الضخمة لم يتضح إلا عندما كشف أن الدوحة قامت بتمويل هجمات قرصنة على حوالي 1500 شخص، منهم نافذون سياسيون في واشنطن. وعن قطر قال جيم هانسون، الضابط السابق في القوات الأمريكية الخاصة، الذي يرأس حالياً مجموعة الدراسات الأمنية، إن السبب في أنهم صاروا متعاونين جداً في عمليات مكافحة الإرهاب، يعود إلى معرفتهم بجميع الإرهابيين لأنهم يُموِّلونهم. وأضاف: «إنهم يعملون مع جميع الأشرار لذا فهم يستغلوننا من كافة الجوانب. إنهم يستغلوننا كغطاء جوي لنفوذهم الخبيث، مع جميع الجماعات المتطرفة حول العالم». وكشف تحقيق ل Conservative Review، عن وجود أربعة أشخاص ممن يطلق عليهم محللو أمن قومي، يظهرون باستمرار على قناة «سي إن أن» مدافعين عن قطر، الأول علي صوفان المدير التنفيذي لأكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، والثاني مهدي حسن، مقدم في قناة الجزيرة الإنجليزية، والثالثة جولييت كايم، عضوة مجلس إدارة المركز الدولي للأمن الرياضي (ICSS)، وهي واجهة لمجموعة تتحكم فيها قطر، والأخير هو بيتر بيرجن، الذي لا يمتلك علاقة مباشرة مع النظام القطري إلا أنه منافح وملمع لقطر عبر صحيفة قطرية، إضافة إلى أنه يقدم المحاضرات في عدد من المؤسسات الممولة من قطر كجامعة جورج تاون. وأشارت صحيفة «واشنطن اكزامنر»، إلى أن جهود قطر في دعم مراكز البحث مثل «بروكنجز» التي تلقت ملايين الدولارات قبل أن تفتتح مقراً لها خارج الولايات المتحدة في قطر، تهدف إلى الإيهام بأن علاقة قطر بالجماعات الإرهابية تأتي في سياق جهودها الدولية في الوساطة والحوار. وأوضحت صحيفة The Daily Beast أن لقطر جهودها في استمالة سياسيين أمريكيين بارزين، من خلال إقامة المشاريع الاستثمارية، وآخرها مصنع الطائرات في ولاية كارولينا الجنوبية، وذلك بعد لقاء مسؤولين قطريين بالسيناتور ليندي جراهام، الممثل للولاية، والذي تبنى مواقف معادية للسعودية.
مشاركة :