أنظمة تحديد الهوية الرقمية الشاملة «1 من 2»

  • 8/16/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

فر خوان وأسرته من ديارهم أثناء الاضطرابات التي شهدتها بيرو سنة 1995. مثله مثل كثير من البيروفيين الآخرين، ترتب على فرارهم هذا تركهم ممتلكاتهم كافة، بما فيها إثباتات الهوية وغيرها من الوثائق. ومن دون إثبات هوية، لم يتمكن خوان، ومعه ثلاثة ملايين بيروفي آخرين فقدت سجلاتهم المدنية أو دمرت خلال هذه الفترة، من الالتحاق بالدراسة أو الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية. كافحت ميريام، المواطنة الأوغندية التي تشتغل بالتجارة عبر الحدود، لكسب رزقها بسبب الصعوبات التي واجهتها في عبور الحدود لشراء وبيع البضائع في كينيا. ومن دون إثباتات الهوية اللازمة، لم تتمكن من اجتياز المعابر الحدودية النظامية واضطرت إلى قطع مسافات طويلة في مناطق خطرة، ما عرضها للسرقة والاستغلال. في ولاية راجستان في الهند، تعتمد سبل عيش شانتي على الأجور التي تتقاضاها من خلال برنامج ضمان التشغيل في الأرياف الهندي ومعاش تقاعدي لها ولزوجها المعاق. وقبل أعوام، كان ساعي البريد يسلم مستحقاتها النقدية إلى أي فرد يجده من أفراد أسرتها. وأحيانا لم تكن تحصل على المبلغ كاملا لادعاء أحد أقاربها أحقيته في مالها. حتى عندما كانت شانتي تتسلم مستحقاتها، لم تكن تتمتع بوسيلة آمنة للادخار لعدم امتلاكها حسابا مصرفيا؛ حيث يتطلب فتح مثل هذا الحساب امتلاك بطاقة هوية صادرة من الحكومة، وهذا شيء لم يكن بحوزة شانتي وكثيرات غيرها من النساء. من أنت؟ كم عمرك؟ أين تعيش؟ يمكن أن تكون للهوية تفسيرات كثيرة، لكن في المجتمعات الحديثة - التي يتفاعل فيها الناس غالبا مع آخرين لا يعرفونهم شخصيا - تعد القدرة على تقديم إثبات هوية موثوق أمرا ضروريا للحياة اليومية. ويختلف نوع إثباتات الهوية اللازم للمعاملات الأساسية من بلد إلى آخر، لكن بوجه عام، تعد شهادات الميلاد وبطاقات الهوية الوطنية والمستندات المماثلة، كجوازات السفر ورخص القيادة، من أشيع إثباتات الهوية أو الأوراق الثبوتية المستخدمة للأغراض الرسمية. لكن يوجد ما يقدر بمليار شخص حول العالم لا يحملون مثل هذه الأوراق الثبوتية الأساسية - بمن فيهم ما يصل إلى طفل/ شاب واحد من كل أربعة أطفال وشباب ممن لم يتم تسجيل مواليدهم على الإطلاق - وهناك كثيرون آخرون يحملون إثباتات هوية غير موثوقة، لأنها رديئة النوعية أو لا يمكن التحقق منها بشكل يعول عليه. ويذهب تقرير أعده معهد ماكينزي العالمي، إلى أن هناك 3.4 مليار شخص يملكون إثباتات هوية بشكل أو بآخر، لكن لا يتمتعون إلا بقدرة محدودة على استخدامها في العالم الرقمي. تعيش أغلبية المليار البعيد عن دائرة الاهتمام في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، حيث ينتمون عادة إلى أفقر الفئات وأكثرها ضعفا. وبشكل غير متناسب، يقل احتمال امتلاك النساء إثباتات الهوية الرسمية. فوفقا لمبادرة تحديد الهوية من أجل التنمية - مسح المؤشر العالمي للشمول المالي، توجد امرأة من بين كل امرأتين في الاقتصادات منخفضة الدخل لا تملك إثباتات هوية وطنية أو أوراقا ثبوتية مماثلة. علاوة على ذلك، يواجه اللاجئون وعديمو الجنسية وذوو الإعاقة وسكان المناطق الريفية والنائية أكبر العقبات أمام الحصول على إثباتات هوية رسمية. لهذا البعد عن دائرة الاهتمام مضامين كبيرة فيما يتعلق بطائفة من نواتج التنمية التي تعتمد على تقديم الخدمات للناس أو على قدرتهم على الحصول على الخدمات. ومن دون طريقة آمنة وموثوقة لإثبات الهوية، سيجد أمثال خوان وميريام وشانتي ديفي أنفسهم - في الأغلب - عاجزين عن الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية بالغة الأهمية أو الالتحاق بالدراسة أو فتح حساب مصرفي أو الحصول على هاتف محمول أو الحصول على وظيفة أو التصويت في الانتخابات أو تسجيل منشأة تجارية في القطاع الرسمي، إلى جانب الخدمات والحقوق والفرص الأساسية الأخرى التي ستمكنهم من تحسين حياتهم. بالنظر إلى الدور بالغ الأهمية الذي يلعبه تحديد الهوية من أجل التنمية، اعتمدت الدول أعضاء الأمم المتحدة هدف التنمية المستدامة: "توفير هوية قانونية للجميع، بما في ذلك تسجيل المواليد" بحلول عام 2030. ويعد تحديد الهوية أيضا عامل تمكين رئيسا لكثير من أهداف ومقاصد التنمية المستدامة الأخرى، كالشمول المالي والإدماج الاقتصادي، والحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية والتعليم، والمساواة بين الجنسين، وحماية الطفل، والزراعة، والحوكمة، والهجرة الآمنة والمنظمة. بإمكان أنظمة تحديد الهوية الرقمية الشاملة للجميع والموثوقة أيضا تعزيز شفافية الحوكمة وكفاءتها وفاعليتها وتقديم الخدمات العامة وتنفيذ البرامج. وبإمكانها مساعدة القطاع العام على الحد من الاحتيال والتسرب في التحويلات من الحكومة إلى الأشخاص، وتسهيل أساليب جديدة لتقديم الخدمات، وزيادة الكفاءة الإدارية الكلية. كما تعد القدرة على التحقق من الهوية بطريقة موثوقة وسهلة أيضا بالغة الأهمية لتنمية القطاع الخاص. فبإمكان أنظمة تحديد الهوية الرقمية مساعدة الشركات على الحد من تكاليف التشغيل المرتبطة بالامتثال التنظيمي "على سبيل المثال: عملية اعرف عميلك الإلكترونية"، وتوسيع قواعد العملاء، وإيجاد أسواق جديدة، وتعزيز بيئة ملائمة لأنشطة الأعمال على نطاق أوسع.

مشاركة :