طارق الشناوي يكتب: قانون الدهشة وإيقاع الندرة!!

  • 8/19/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرًا ما نتابع مهرجانات الترويج لعدد من الأعمال الفنية والأدبية التى تلعب على قانون الدهشة وترقص على إيقاع الندرة، مثل الأغنية المجهولة، وآخر رواية أو قصيدة، التى تحاط عادة برشة جريئة من أدوات الترغيب من أجل تحلية البضاعة، لزيادة معدلات الترقب وأرقام التوزيع.مثلًا بمجرد رحيل عبدالحليم حافظ كانت شركة (صوت الفن) تحرص عند كل ذكرى على طرح أغنية نادرة له قدمها فى بدايات مشواره، أو فى أحد الحفلات الخاصة التى كان يقيمها فى عدد من دول الخليج، كما أنه ظل نحو 10 سنوات يغنى لملك المغرب السابق الحسن الثانى فى عيد ميلاده، وفى هذه المناسبة كان يصاحبه آخرون من كبار المطربين.. الملك يتمتع بذائقة موسيقية رائعة، وكثيرًا ما قاد الفرقة الموسيقية، إلا أنها فى النهاية مجرد أغانٍ خاصة، مفروض ألا تتجاوز حدود زمان ومكان تلك المناسبة.الندرة من الممكن أن تجدها أيضا فى أغنية (يا رايحين الغورية) التى اشتهرت بصوت محمد قنديل من تأليف محمد على أحمد وتلحين كمال الطويل.. عبدالحليم حافظ لا شعوريًّا لديه قناعة بأن كل ما يبدعه الطويل هو ملكية خاصة له، وربما كانت هذه أيضا فى جزء منها مشاعر الطويل تجاه حليم، بدليل أنه نادرًا ما لحن لأصوات من الرجال، مثلًا لم يلتق فنيًا أبدًا مع محرم فؤاد، والألحان القليلة جدًا التى غناها له محمد رشدى قدمها بعد رحيل عبدالحليم، إلا أنه فى بداية الاعتراف به كملحن قدم لحنين يشبهان فقط ملامح صوت قنديل وهما (الغورية) و(بين شطين ومية)، أعاد عبدالحليم بدون علم الطويل تسجيل (الغورية)، وقدمتها الإذاعة وحققت فشلًا ذريعًا، وهو ما دفع عبدالحليم عندما صار بعدها بنحو عام صاحب نفوذ لأن يمنع تداولها، وبالفعل لم تقدمها الإذاعة وعلى استحياء إلا بعد رحيل عبدالحليم.عندما كانت شركة (صوت الفن) تصدر فى ذكرى حليم أغنيات من تلك التى قدمها فى الحفلات الخاصة، كانت تحرص بالمونتاج على حذف أى مقطع يشير لخصوصية المناسبة، إلا أنها لا ترقى قطعًا بعد كل هذه التحسينات والتحصينات إلى أن نضيفها إلى تاريخ حليم.ليس كل نادر أو مجهول جميلاً، أتذكر فيلم (على ضفاف النيل) جمع بين شادية وكمال الشناوى وعدد من نجوم السينما اليابانية مطلع الستينيات، الفيلم مصرى يابانى مشترك ولكنه من أضعف الأعمال الفنية، وهو ما ينطبق أيضا على (الناس والنيل) قُدم فى نفس المرحلة التاريخية، إخراج يوسف شاهين وبطولة سعاد حسنى وعزت العلايلى، مصرى سوفيتى مشترك قبل أن تصبح روسيا.إنها الندرة نفسها التى من الممكن أن تجدها فى أغنية أم كلثوم (وقفت أودع حبيبى) التى كتبها أحمد رامى ولحنها فريد غصن، وهى المرة الأولى والأخيرة التى غنت فيها أم كلثوم لغصن، الكلمات كانت فى حوزة رياض السنباطى، قدم لها اللحن ولم يرق لها، وطلبت منه إعادته ورفض، فقررت أن تلقنه درسًا ومنحت اللحن لفريد غصن، فكان الدرس فى حقيقة الأمر لأم كلثوم، لأنها لم تردده بعدها فى أى حفل، بل طلبت من الإذاعة المصرية مسحه، وما تسمعه الآن على (السوشيال ميديا) مقاطع بصوت ملحنه يؤكد أن أم كلثوم عندها ألف حق فى مصادرة اللحن، ليس كل مجهول أو نادر بالضرورة جميلًا!!.

مشاركة :