هندسة البشر وراثياًّ.. تلاعب بخلق الله ! | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 10/19/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تناولت هذه الزاوية مراراً مخاطر الأطعمة المهندسة وراثياً على صحة الإنسان وسلامة البيئة وعلى مستقبل الزراعة الطبيعية والأغذية والنباتات والعديد من المخلوقات الحية كالفراش مثلاً الذي يوجد باستمرار ميتاً بأعداد هائلة عند حقول الذرة المهندسة وراثياً بسبب تناول الذرة المهندسة وكمثل تقلص أعداد نحل العسل في العالم بسبب امتصاصها من رحيق تلك النباتات، تلك الأطعمة التي تصل خطورتها بسبب تقنيات تغييرها لتركيبة الحامض النووي الوراثي في الخلية بالمحاولة والإخفاق (Trial and error) عن أصل خلقتها إلى درجة التسبب في تغيير التركيبة الجينية للإنسان بطريقة عشوائية يمكن أن تنتج عنها طفرات جينية أو أمراض غير معروفة للإنسان من قبل. وليت أن التلاعب بخلق الله تعالى يتوقف عند هذا الحد، بل إن في جعبة المتلاعبين بخلق الله ما هو أطم وأعظم، ألا وهو هندسة المواليد البشرية وراثياً، إذ تزمع إدارة الأدوية والأغذية الفيدرالية الأمريكية المعروفة اختصاراً بـFDA عقد مؤتمر في نهاية هذا الشهر أكتوبر 2013م لمدة يومين لمناقشة قانونية إدخال تغيرات جينية على بويضة المرأة لتصبح جزءاً لا يتجزأ من المورثات الإنسانية للأجيال القادمة من النساء اللاتي يخضعن لذلك التغيير، واستيلاد أطفال مهندسين وراثياً ليكونوا نسخاً محسنة ذهنياً وبدنياً من البشر. التغيير القادم يختلف اختلافاً جوهرياً عن العلاج بالجينات الذي بدأت ممارسته منذ تسعينيات القرن العشرين، لأن الأخير ينصب جله على العمل على تغيرات وتعديل جينات بها خلل ما بهدف تعديلها، وهي في جلها جينات لا تحمل الصفات الوراثية. فيبقى التعديل على تركيبة الإنسان ضمن إطار الفرد المتلقي للعلاج دون أن يكون ثمة أي انتقال للأجيال القادمة. بينما التعديلات التي ستناقشها إدارة الأدوية والأغذية الأمريكية من النوع الذي يبقى وراثياً، بدأت شراهة المعنيين من المغيّرين لخلق الله منذ ما يزيد عن عقد من الزمان ونيف بعد أن نجحت تجاربهم الأولية في استيلاد 30 طفلاً مهندس وراثياً عام 2001م، عاني نصفهم من خلل في الوظائف الصحية. وقد تدخلت إدارة الأدوية والأغذية حينها لإيقاف التجارب وبقيت تلك التجارب حتى عام 2008 ممنوعة في أمريكا و30 دولة أخرى مهتمة بهذه الأبحاث، ثم عادت كل من بريطانيا وأمريكا في شهر يوليو من هذه السنة موقفهما إلى إعادة النظر في إجراء التجارب من جديد على إدخال مورثات من امرأة أخرى على مورثات بويضة الأم الأصلية لاستيلاد أجيال من البشر الخارقين والخالين من الأمراض كما يظنون، ويتوقع كثير من المتخصصين أن تؤدي هذه التعديلات إلى تغيرات دائمة في كل أجيال أولئك المغيّرين تؤثر في النمو وبلوغ سن الرشد والشيخوخة. ولو نتج عن مؤتمر إدارة الأدوية والأغذية الأمريكية الموافقة على هذا النوع من التجارب، فستكون سابقة لتقنين هذا النوع من التلاعب بخلق الله. كل تلك التطورات تستلزم موقفاً شرعياً تتبناه جهات شرعية متخصصة للإفتاء في بلداننا الإسلامية تنظر في ما يجوز وما لا يجوز للمسلم فعله من تلك التقنيات التي ستحيل العالم إلى عالم آخر غير الذي عهدته البشرية على مدى آلاف السنين. ويبدو -والله أعلم- أن العلاج الجيني الذي لا يغير من خلق الله شيئاً ويهدف إلى علاج بعضاً من الأمراض المستعصية كالسرطان والسكر وغيرها وبعيد عن اختلاط الأنساب وتغيير خلق الله قريب من روح التشريع الإسلامي، أما النوع الثاني من التدخل الجيني الوراثي للإنسان المتعمد تغيير خلق الله ينطبق عليه قوله تعالى: (ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله). للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :