وحدة الخلق من وحدانية الخالق | أ.د. سامي سعيد حبيب

  • 11/15/2013
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

الطيور مخلوقات بديعة ، فيها من الجمال وإحكام الخلقة ما لا يدرك كماله إلا الخالق تعالت قدرتـه ، وقد ضرب القرآن الكريم بها الأمثال كما في قوله تعالى ( ألم يروا إلى الطير مسخراتٍ في جو السماء ما يمسكهن إلا الله ، إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) ، و الكثير منها يطير بأداء عالٍ نسبيا يفوق أحياناً أداء الطائرات الحديثة. فطائرات الركاب النفاثة الحديثة تقطع مثلاً مسافة تساوي اثني عشر ضعف طول الطائرة في الثانية الواحدة أثناء الطيران المستمر ، بينما تتفوق عليها الحمامة إذ تقطع ثلاثين ضعف طولها في الثانية ، ويمكن مقارنة سرعة طائر «السترلينغ» البالغة ثمانين ضعف طوله في الثانية بسرعة المقاتلات الحديثة التي تطير بسرعات أعلى من الصوت و يقطع معظمها مائة ضعف طولها في الثانية. وقد استرعت العلاقة بين سرعة الطيور على اختلاف أحجامها وتباين أدائها و تعدد أشكال أجنحتها و تفاوت أدائها اهتمام العلماء ، وتوصلوا بعد دراسات معمقة إلى أن ثمة علاقة رياضية بين كتلة الطائر مرفوعة إلى أس الربع أو مضاعفاته و قدرته على الأداء. فتحت تلك الحقيقة للعلماء آفاق دراسات أخرى في الإبداع المبثوث في خلقة الكون من حولنا ، منها العلاقة بين كتلة المخلوقات عموماً مرفوعة إلى أس الربع أو مضاعفاته و بين مختلف الوظائف الحيوية في المخلوقات كمثل عدد نبضات القلب ومتوسط طول العمر ... الخ ، وذلك لجميع المخلوقات بداية من أصغرها من مخلوقات لا ترى إلا بالمجاهر و نهاية بالفيل في البر والحوت في البحر. أحد الأمثلة على هذه القاعدة معدل استهلاك المخلوق للطاقة فالعلاقة بين الأيض و كتلة المخلوق مرفوعة إلى أس ثلاثة أرباع أو بالصيغة الرياضية أ = ك3/4. الإنسان عملاق كبير جداً مقارنة بالطائر الطنان الذي يزن بضعة غرامات ، و لـو كـان الأيض لدى الإنسان عند نفس مستواه لدى الطائر الطنان لاحتاج الإنسان إلى استهلاك مـا بين 45 - 50 كيلو غراماً من السكر يومياً لتوليد الطاقة اللازمة لاستمرار وظائفهم الحيويـة في العمل. كما وجد أن قاعدة الأيض هذه سارية في عالم النباتات أيضاً. هذا الاكتشاف العلمي معروف منذ منتصف القرن الماضي ، إذ لاحظ العلماء بان ثمة نمطاً قياسيا معيناً متكرراً في كل المخلوقات شبيهاً بنظام المقياس الهندسي الذي يستعمله المهندسون في رسم الخرائط لتحاكي بتناسق دقيق المنشأة. فكل شيء في المخلوقـات سواءً أكان نظـام الدورة الدمويـة ، أو تشعبات جهاز التنفس ، أو الشبكة الوعائية بداخل النباتات ، أو الشبكة الأنبوبية بداخـل الحشرات ... الخ تزداد أو تنقص بمقياس ذي علاقـة مع كتلة المخـلوق مرفوعة إلى أس الربـع أو مضاعـفاته ، إنما الجديد هي الدراسات الجديدة لفهـم الأسباب وراءه و بالتـالـي بـنـاء نموذج حيوي-ريـاضـي يستطيع أن يحـاكـي ذلك المقياس التصغيري / التكبيري في المخلوقات. كما دلت تلك الدراسات إلى اكتشاف أن التكرارية المنتظمة بمقيـاس ثابت لا تنتظم الأحياء فقط بل أنها تنتظم أيضاً كل تشعـب للجمـادات بطـريقة استنساخ الذات بشكل يستمر في التصغير طبقاً لمقياس ثلثي ( 1/3 ) مهما بدت لنا أنها عشوائية ، وأن ذلك ينطبق على كل تشعب في الجمـادات بدايـة من انكسار مجرد قطعة زجاج ، أو طبقـة جليد فوق سطح المحيط ونهايةً بتوزيع المجرات في الفضاء الفسيح. أي أن تفرع المتكررات عبارة عن وحدات مصغرة عن الأصل ولا تختلف عنه إلا في المقياس بحيث تكون أصغر وحدة من المنظومة المتفرعة عبـارة عـن منمنمـة أو نسـخـة مصغـرة طبق الأصل عن الشكل الأم ، و أطلـق على ذلك الاكتشـاف نظرية التماثل المصغر ( Fractal Theory ) ، و هو ينطبق على كل ما أوجده الله في عالم الخليقة ( الطبيعة ) من حولنا فسبحان الخالق لنظام بديع حتى في ما قد يبدو لأعيننا عشوائياً. وللمتأمل أن يتساءل من أين يـأتـي هذا الانتظام و التكرار العجيب من الذرة إلى المجـرة إن لم يكن المبدع واحداً أحداً (( مـا اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله إذاً لذهب كل اله بما خلق و لعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون )). نعم سبحان الله فمـا وحـدة نظام هذا الكون إلا بسبب وحدانية خالقه و إلا لاختلفت طرق وأساليب الخلق فيه و لذهب كل إلـه بما خلق. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :