كتب - حسين أبوندا: أثارت الإحصائيات التي أعلنها مركز الإنماء الاجتماعي «نماء» والتي أظهرت عزوف الشباب عن المشاركة في العمل التطوعي جدلاً واسعاً في أوساط الخبراء والمتخصصين. وأظهرت الإحصائيات إبداء 19.1% من الشباب المشاركين فقط رغبتهم في المشاركة بالعمل التطوعي ، مقابل 49.8% أبدوا عدم رغبتهم ، و31% لم يجيبوا على السؤال. وأكد خبراء ومختصون لـ الراية أن هناك 4 أسباب وراء عزوف الشباب عن المشاركة في العمل التطوعي منها سوء التخطيط للمشروعات والفعاليات التطوعية ، وربط مشاركة الشباب في الفعاليات التطوعية بالمكافآت المالية التي أفقدت قيمة العمل التطوعي كعمل إنساني بلا مقابل لخدمة المجتمع. وأكدوا أن السبب الثالث هو عدم منح المتطوعين مهام تطوعية تواكب مؤهلاتهم واهتماماتهم لاستثمار طاقاتهم بالشكل الصحيح، مؤكدين أن تشغيل المتطوع في المجال المناسب يؤدي لنتائج إيجابية ويمنح الدولة أقصى فائدة من العمل التطوعي. وأعتبروا أن محدودية أو الافتقاد للدورات والورش والبرامج التثقيفية والتوعوية الموجهة للشباب بأهمية العمل التطوعي ، تعرقل ترسيخ ثقافة العمل التطوعي في المجتمع ، لافتين إلى أن معظم الشباب لديهم خبرات محدودة عن العمل التطوعي وهو ما يتطلب وجود برنامج توعوي واضح تتعاون فيه جميع الجهات العاملة بالدولة لتثقيف الشباب بشكل خاص وكافة أفراد المجتمع عن أهمية العمل التطوعي وفائدته للمتطوع نفسه وللمجتمع من حوله. وأكدوا أن الدولة مقبلة على فعاليات رياضية عالمية تتطلب تنفيذ برنامج وطني تشارك فيه جميع جهات الدولة لتشجيع الشباب على العمل التطوعي بهدف خدمة وطنهم وتمثيله بالشكل الصحيح . ودعوا لوضع استراتيجية شاملة وقصيرة المدى لجذب الشباب للعمل التطوعي تساهم في توسعة مدارك الشباب ودفعهم نحو المشاركة المجتمعية وتمنحهم خبرات كثيرة في التعامل مع الأحداث كما تفرز خبرات قادرة على المشاركة في مختلف الفعاليات التي تقيمها البلاد. ناصر المغيصيب: ضرورة مراعاة اهتمامات المتطوعين أكد ناصر المغيصيب أن جذب الشباب للعمل التطوعي يتطلب من الجهات المعنية تطبيق 3 ركائز رئيسية ، أولاً التحفيز واستثمار طاقة المتطوع في المكان الصحيح، يليه نشر ثقافة التطوع في المجتمع، بالإضافة إلى المحور الثالث والرئيسي وهو أن ديننا الحنيف يحث على التعاون فيما بين الناس، والعمل التطوعي بلا شك هو أسمى أنواع التعاون لأنه يتم بدون مقابل. وقال: لابد من تنمية مهارات الشباب ودمج رغباتهم وتطلعاتهم بالعمل التطوعي بحيث يكون متجانساً مع التخصص الجامعي للمتطوع أو مجال دراسته أو اهتماماته ليحصل من خلاله على الخبرة المطلوبة ولاستثمار أقصى فائدة من العمل الطوعي ، فعلى سبيل المثال ، يجب وضع طالب المدرسة الذي لديه ميول لدراسة أي مجال طبي أن يقوم بتجربة التطوع في مؤسسة حمد ليكون قريباً من هذا المجال ، أما بالنسبة لطلاب الجامعة فيجب أن نهتم بإشراكهم في أماكن يستطيعون من خلالها تجربة العمل الميداني بالشكل الصحيح قبل الانخراط في الوظيفة. وأضاف: أما بالنسبة للمحور الثاني وهو نشر ثقافة التطوع في المجتمع، فإن معظم الشباب لا يعي أهمية العمل التطوعي الذي يخدم الأوطان وحضارتها، ولابد من تعريفهم بأنها خدمة ليست هامشية نظراً لأن العمل التطوعي له مردود اقتصادي ويساهم في توفير مبالغ مالية كبيرة على الدولة ، كما أن التطوع يساهم في نشر السلام والطمأنينة وتعزيز الصورة الإيجابية للمجتمع . وعن طرق الحفاظ على فعالية المتطوعين وتشجيعهم على البقاء في هذه الخدمة أكد أن سوء التنظيم هو أحد أسباب هروب المتطوعين أو عدم استمراريتهم خاصة أن معظم المتطوعين يجهلون دورهم الحقيقي في الفعالية ومنهم من ليس لديه علم بتوقيت إقامتها ومواعيد العمل فيها ، كما أن إهمال تشجيع وتحفيز المتطوعين يؤثر بصورة مباشرة على المتطوع وهناك الكثير من الجهات التي تتعامل معه بأنه موظف يؤدي واجبه ولا تقوم بأي بادرة شكر للمتطوعين وتكريمهم معنوياً ، الأمر الذي يدفع الكثير منهم لعدم إعادة التجربة مرة أخرى. وشدد على أهمية وجود شفافية بين الجهة المسؤولة عن التطوع وبين المتطوعين ، حيث إن العمل التطوعي من الخدمات النبيلة والتي تتطلب شفافية ووضوحاً، وضرورة معرفة المتطوع بكامل حقوقه وواجباته ، وتجنب جذب المتطوعين عن طريق وعود كاذبة مثل الإعلان عن وجود حوافز مالية وهدايا عينية وشهادات تكريم والأهم من ذلك كله أن يراعي مشرف المتطوعين فريقه وأن ينسب الفضل لنجاح الفعاليات للفريق ولا ينسبه له بشكل شخصي. أكد ضرورة نشر ثقافة التطوع بين الأجيال الناشئة .. د. سيف الحجري: عدم الوعي بأهمية العمل التطوعي أبرز أسباب العزوف أكد د. سيف الحجري أن ثقافة العمل التطوعي لا تقاس بالأرقام بل بالتزام واستمرار المتطوعين فالمطلوب الاستمرارية والاستدامة، لأن الشخص المتطوع الذي ليس لديه القدرة على الاستمرارية فهو خارج الرقم ولا يصلح أن يسمى متطوعاً، وهناك بعض الأشخاص يقومون بالتسجيل كمتطوعين ولكن لا يشاركون. ولفت إلى أن التطوع خدمة مهمة يقدمها أحد أفراد المجتمع وتدل على مشاركته وإيجابيته وهو مؤشر على تقدم الشعوب وإبراز صورتها الإنسانية في العالم، لافتاً إلى أن هناك معوقات تقف حائلاً أمام جذب المتطوعين منها أمور تتعلق بالمتطوع نفسه مثل عدم الوعي بأهمية العمل التطوعي، لأن المتطوع يشعر بأنه غير ملزم بأداء العمل المكلف به. وأوضح أنه في سبيل تدعيم ثقافة التطوع ونشرها بين الأجيال الجديدة لابد من الاهتمام بالأسرة وضرورة أن تشارك في تعويد الطفل الصغير على المساعدة في الأعمال المنزلية حتى لو كانت بسيطة، وحثه على تقديم يد المساعدة والعون لإخوته أو أصدقائه، ومن ثم يبدأ الطفل منذ الصغر في الاعتياد على بذل الجهد والتفاني في مساعدة الآخرين، مؤكداً على أهمية دور المدرسة التي لابد أن تعمل على غرس هذه الثقافة وتدريب مقررات تتعلق بالأعمال التطوعية، ويجب أن يتم إشراك طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية في بعض النشاطات الخارجية مثل مساعدة المسنين والأيتام وذوي الإعاقة وغيرها من الخدمات التي تغرس في نفوسهم روح المسؤولية تجاه مجتمعهم والإنسانية جمعاء. وأكد أن هناك العديد من الأنشطة التي تتطلب متطوعين ولا بد من فتح الفرص أمام الشباب وتقديم برامج لهم مع إعطائهم الفرصة للتطوع وتدريبهم على العمل التطوعي خاصة أنه عمل في غاية الأهمية حيث إن الدول التي لديها ثقافة في العمل التطوعي سجلت تقدماً حضارياً ملحوظاً. ولفت إلى أن البعد الديني مهم ويجب غرس أن هذا العمل له أبعاد دينية وله ثواب كبير لأن المتطوع يساعد الآخرين دون مقابل، كما أن للتطوع منفعة لنفس المتطوع ويجب تشجيع المتطوع أنه يقدم خدمة تساهم في رفع إمكانياته وخبراته كما أن التطوع يبعده عن الفراغ والملل أو الجنح لأمور غير مرغوبه كما يكون محل تقدير في مجتمعه. د. يوسف الكاظم: نعاني نقصاً في عدد المتطوعين أكد د. يوسف الكاظم أن سوء التخطيط هو السبب الرئيسي وراء عزوف الشباب عن العمل التطوعي، معتبراً أن الفترة الحالية تشهد تراجعاً ملحوظاً في جذب المتطوعين مقارنة بالفترة التي سبقت 2014، حيث كان مركز قطر للعمل التطوعي لديه 7000 متطوع فاعلين وكنا في المؤتمرات نوظف قرابة 1000 متطوع في أي فعالية تقيمها الدولة فضلا عن 500 متطوع احتياطي ويتمنون المشاركة في الفعاليات التي تقيمها الدولة. وقال: نعاني حالياً نقص عدد المتطوعين إلى أقل من النصف وأصبح معظمهم غير فاعلين لأسباب عديدة أهمها إدخال المادة وتشجيع المتطوعين على العمل التطوعي من خلال المكافآت المادية ما دفع الكثيرين لاعتبار العمل التطوعي وظيفة يؤجرون عليها ما ساهم في نسف مفهومه بالكامل. ولفت إلى أن قطر لديها قاعدة قوية للعمل التطوعي ولكن المشكلة تتمثل في الإدارة التي لا تستطيع أن تواكب العمل التطوعي بالشكل المطلوب حيث يجب استغلال الإمكانيات وتوظيفها في نشاط العمل التطوعي حتى يستطيع المتطوع أن يؤدي عمله بالصورة المطلوبة. وأشار إلى كيفية التعامل مع التطوع بحيث يتم جذب جميع الفئات دون النظر إلى جنسيتهم أو دينهم أو عرقهم خاصة أن التطوع هو خدمة سامية يقوم بها أحد الأفراد لتقديم خدمة للمجتمع بالطريقة التي تتماشى مع مسيرة التقدم التي تشهدها البلاد في كافة المجالات. وأكد أن المجموعات التطوعية التي يتم إقامتها خارج مظلة مركز قطر للعمل التطوعي ليست من صالح العمل التطوعي في قطر حيث تحدث عملية تشتت جهود جميع المتطوعين في مهام غير مفيدة. وطالب بضرورة توزيع المتطوعين وتسخير إمكانياتهم ومعرفتها ويجب أن يكون للمسؤول دراية كافية لتوظيف المتطوعين في المكان السليم ولا يجوز أن نقوم بتوظيف متطوع لديه تعليم متوسط بأن يكون مرافقاً مع وزير أو رئيس دولة، ولابد من استخدام المتطوع بالصورة المطلوبة وبناء على إمكانياته ومستواه الدراسي والفكري. عيسى الكبيسي: مطلوب إطلاق يوم قطري للعمل التطوعي أكد عيسى الكبيسي أن استقطاب الشباب للعمل التطوعي يتطلب إطلاق برامج وورش عمل لتثقيفهم وتوعيتهم بأهمية العمل التطوعي فضلا عن زيادة البرامج التأهيلية التي تساهم في ترسيخ ثقافة التطوع، مشيراً إلى أن معظم الشباب لديهم خبرات بسيطة عن العمل التطوعي وهو ما يتطلب وجود برنامج توعوي واضح يتم بالتعاون بين جميع الجهات العاملة بالدولة لتثقيفهم بشكل خاص وكافة أفراد المجتمع بشكل عام عن أهمية العمل التطوعي وفائدته للمتطوع نفسه وللمجتمع من حوله. وشدد على أن غرس مفهوم التطوع لدى الجيل الجديد يتطلب من الدولة الاهتمام بها بطريقة مميزة والاحتفاء بالمتطوعين مقترحاً إقامة يوم خاص للعمل التطوعي وتسميته «اليوم القطري للعمل التطوعي» أسوة باليوم الرياضي يهدف لتعريف النشء بالعمل التطوعي ويساهم أيضاً في التركيز على هذه الخدمة بالشكل المطلوب. ولفت إلى أن مفهوم التطوع هو عمل أو خدمة يقوم بها الشاب بكامل رغبته ومن تلقاء نفسه ومن دون إكراه وفي حال دخلت المادة إلى العمل التطوعي ستتحول لدى الفرد أو الشاب إلى وظيفة وسيقوم بالتواجد لأجل غاية أخرى وليس من أجل خدمة المجتمع ويجب استقطاب الشباب الذين يريدون التطوع من دون مقابل مادي لأنهم هم الأعضاء الفاعلون الذين لديهم القدرة على أداء الخدمات بالشكل الصحيح. ولفت إلى ضرورة توزيع منافذ العمل التطوعي وعدم جعلها مقتصرة على مركز قطر للعمل التطوعي حيث يجب على المراكز الشبابية والكشافة أن يشاركوا بذلك ويكونوا تحت غطاء وزارة الثقافة والرياضة. وأكد أنه ضد المبادرات خاصة لأنها أصبحت كثيرة وتشتت العمل التطوعي بشكل ملحوظ حيث أنها لا تنمي التطوع بالشكل المطلوب، كما طالب بضرورة تغيير فكرة العمل التطوعي وعدم جعلها مقتصرة على تنظيف الشواطئ وزرع الأشجار لأن المفهوم أعمق من ذلك ويجب أن يكون مفهوم التطوع واضحاً ومتطوراً ويواكب الدول المتقدمة. وشدد على أن البطولات الرياضية التي ستقام في نهاية العام الجاري حتى كأس العالم 2022 يجب أن تكون دافعا للشباب القطري بضرورة التطوع خاصة أن عملية تنظيم هذه البطولة تحتاج إليهم ويجب أن يكون لهم دور واضح لإنجاح هذه البطولة. محمد العبادي: العمل التطوعي ليس مدفوع الأجر قال محمد العبادي: إن الخدمات التطوعية التي يتم إطلاقها تحتاج إلى عدل في التوزيع فعلى سبيل المثال الكثير من الشباب المتطوعين لديهم موافقة على المشاركة في الأعمال الإغاثية والسفر إلى الدول لتقديم الخدمات للمتضررين، وفي نفس الوقت يرفضون المشاركة في الأعمال التي لها علاقة بتنظيف الشواطئ أو تنظيم المؤتمرات والأحداث أو غيرها من الأعمال التطوعية الأخرى. وأضاف: يجب على الجهة المعنية أن تمنح الفرصة لجميع المتطوعين القطريين الفاعلين للمشاركة في الأعمال التطوعية التي تقام خارج البلاد بحيث يتم توزيعها بشكل عادل وتكون هناك فرصة للجميع لتجربة السفر إلى دول أخرى والمشاركة في أي حدث يقام فيها، لافتاً إلى أن هذه الفكرة هي أحد الطرق التي تضمن للمتطوع المشاركة في أي فعالية. وأكد أن نجاح العمل التطوعي يعتمد على عدة عوامل لنجاحه ومن أهمها حماس الشباب وإيمانهم بأهمية رسالتهم فضلا عن إدراكهم لأبعاد عملهم، مشيراً إلى أنه يرفض فكرة إغراء الشباب للانخراط بهذه الأعمال من خلال منحهم مكافآت مالية حتى لا يتحول العمل التطوعي إلى وظيفة خاصة أن الهدف منه قيام الفرد بخدمة مجتمعه دون انتظار مقابل مادي، فالحافز المعنوي هو المطلوب من العمل التطوعي وليس أي شيء آخر.
مشاركة :