النظام النقدي الدولي المضطرب «2 من 2»

  • 9/8/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إن الدخول الحتمي لمنافسين جدد، مثل اليورو والرنمينبي، في لعبة العملة العالمية يتيح حلا على المدى الطويل. وقد تحقق المنافسة مزاياها المعتادة من خلال جعل النظام النقدي الدولي أكثر أمانا وكفاءة. ومن شأن هذه المنافسة أن تعوض النقص في الأصول الآمنة، والقضاء على معضلة تريفين الجديدة، وإعفاء الولايات المتحدة من مسؤولياتها وامتيازاتها الهائلة. خطوات ملموسة، ومع ذلك، فإن النظام النقدي متعدد الأقطاب بحق لن يكون له وجود في المستقبل. ورغم ما تتخذه منطقة اليورو والصين أحيانا من خطوات جريئة لتعزيز الدور الدولي لعملتيهما، فإن السمعة والمؤسسات لا يتم بناؤهما بين عشية وضحاها، ويمكن أن يستمر التنسيق بشأن الوضع الراهن. إلى جانب ذلك، فإن عدم الاستقرار النقدي في سنوات ما بين الحربين، عندما توافر الجنيه الاسترليني والدولار في آن واحد، ينبغي أن يذكرنا أنه على المدى المتوسط، قد يكون هناك مزيد من عدم الاستقرار. وعلى حد قول راجنار نوركسي الاقتصادي الإستوني، نشأ بعض من عدم الاستقرار هذا نتيجة تصرفات المستثمرين الذين قاموا مرارا بتعديل توازن محافظهم الاستثمارية بين العملتين. والدرس المستفاد في عصرنا هذا أنه مع ظهور منافسين للدولار، سيكون لدى المستثمرين الدوليين البديل إذا ما قرروا التخلي عن الدولار، وهو ما يؤدي إلى تفاقم المضاربات المزعزعة للاستقرار وإلى أزمات ثقة تتحقق من تلقاء نفسها. وباختصار، سيستغرق تحقيق مزايا المنافسة النقدية بعض الوقت. وفي الوقت نفسه، ينبغي للمستثمرين الاستعداد لفترة تحول قد تكون مضطربة نحو نظام نقدي دولي متعدد الأقطاب. ويمكن للمجتمع الدولي أن يتخذ خطوات ملموسة للاستعداد لمواجهة هذه التحديات، ويمكنه بالطبع أن يحاول تشجيع وتعجيل التحول إلى نظام متعدد الأقطاب بحق. لكن الأولوية الأكثر أهمية وفاعلية هي تعزيز شبكة الأمان المالي العالمية، بهدف جعل النظام المالي العالمي أكثر صمودا، وتخفيف حدة النقص العالمي في الأصول الآمنة، وبالتالي التخفيف من آثاره المزعزعة للاستقرار. وبعض الإجراءات الملموسة تشمل الحفاظ على قدرة البنوك المركزية والحكومات على القيام بدور المقرض الأخير في بلدانها. وهناك إجراءات أخرى تشجع الترتيبات اللامركزية بين البلدان: اتفاقيات تقاسم الاحتياطيات التي تجمع من خلالها عدة بلدان احتياطياتها بغرض الاقتصاد في النفقات، واتفاقيات خطوط تبادل النقد الأجنبي الثنائية بين البنوك المركزية التي تتيح لبنك ما أن يقترض عملة بنك آخر مقابل ضمانات. وأخيرا، هناك إجراءات أخرى تشمل تدعيم التسهيلات القائمة وتعزيز القدرات المالية للمنظمة الدولية التي في قلب النظام متعدد الأطراف ــ وهي صندوق النقد الدولي ــ وكذلك تعزيز دعمها للترتيبات اللامركزية. وربما إذا اتبعنا منهجا أكثر تطرفا، يمكننا تصور دور أكبر لصندوق النقد الدولي من خلال تعديل وتحديث بعض الأفكار القديمة المستمدة من خطط كينز ــ تريفين التي لم تعد صالحة للاستخدام. ويمكن لصندوق النقد الدولي أن يضفي الطابع المركزي على اتفاقيات تقاسم الاحتياطيات من خلال إدارة نافذة إيداع عالمية قائمة على حقوق السحب الخاصة الحالية. ويمكنه أيضا أن يضفي الطابع متعدد الأطراف على الشبكة اللامركزية والمتفرقة والاختيارية من اتفاقيات خطوط تبادل النقد الأجنبي الثنائية بين البنوك المركزية وتعزيزها بهيكل مركزي. ويمكن للصندوق تحقيق ذلك إما من خلال العمل كغرفة مقاصة للأطراف المقابلة المركزية وضامن تأمين لخطوط تبادل النقد الأجنبي الثنائية، أو عن طريق تقديم تسهيلات تبادل النقد الأجنبي قصيرة الأجل منه مباشرة. وذهب الخبير الاقتصادي روديجر دورنبوش، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في مقولته الشهيرة إلى أنه "في الاقتصاد، يستغرق حدوث الأمور وقتا أطول مما تعتقدون، ثم تحدث بشكل أسرع مما كنتم تعتقدون" والوقت مناسب للاستعداد.

مشاركة :