أسماء بنت صقر القاسمي.... إبداع متقن بتوظيف المتناقضات

  • 9/15/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فاتنة بكلماتها رائعة بخيالها الحسي.. وظفت عناصر السرد فأبدعت بالتشبيه والمناورة وظفت الشاعرة اسماء بنت صقر القاسمي، عناصر السرد في ثنايا أبياتها ومنها الشخصي، والمكان والزمان بالإضافة إلى أحاسيس الآخرين، فجاءت كلماتها تحمل تعبيرًا صادقًا عما خالجها من شعور أضفى على قصيدتها (امرأة خارج الوقت) شكلا يوحي بالعزلة، عبر ما استخدمته من تشبيه حسي بمفردات مفخمة. استبدلتها حينا باستعارات قصدت منها الدلالة على حركة الزمن ثم حولتها إلى فرضيات محسوسة، ألزمت القارئ من خلالها الخوض في حركة زمنية أشبه بالتي تأخذه ثم تعيده إلى التخيل، ومنه إلى ما لانهاية. تشرب المرايا ملامحي ويسيل عطر في الزوايا كريشة فان كوخ ينبت فم لازوردي كظل ابتسامتي الغائبة تفيض نظراتي على ساعاتها فيغيب وجهي في معالمها وتمحو دهشتي حرفين فأكون ظل الماء لأبقى في السماء أغمض ذاكرتي يتدفق نهر من الكلمات على صفحتي ويفتح جرحًا إلى حيث لا ينتهي البوح استخدمت الشاعرة القاسمي في سردها مساحة من المناورة، وتخفت وراء مرادفات عدة. اشتقت معانيها من فيض ثقافة واسعة ربما وفرتها البيئة التي أحيطت بها حياتها التي رافقت فيها قامة أدبية كبيرة تمثلت بالراحل الشيخ صقر بن محمد القاسمي رحمه الله. توظيف المتناقضات في القصيدة دائمًا ما يخلق أفقا واسعا لدى القارئ، ويسرح بخياله نحو تصورات وعوالم جميلة أو مرعبة، ونجدها في امرأة خارج الوقت قد تم توظيفها بجمالية أكبر مما عند غيرها من الشعراء. طغت على قصيدة القاسمي صفة التمحور حول الذات، وربما جاءت به الشاعرة لترضي ما في داخل النساء من شعور، فهي وإن خاطبت المجتمع عمومًا، إلا إننا لمسنا في قصيدتها خطابا موجها نحو نساء الخليج بالذات، وأولاء ينتابهن ذلك الشعور قبل ما يطرأ على المجتمع من تغيرات واسعة قادت المرأة إلى ما هي عليه اليوم من صور الانفتاح الذي تعيشه خلافًا لما كان. ذهبت الشاعرة إلى تكريس الممكن واللا ممكن عبر أبياتها، فكانت أن رسمت صورة رائعة عبر التشبيه الذي جاءت به وتمثل في يتدفق نهر من الكلمات على صفحتي ويفتح جرحًا إلى حيث لا ينتهي البوح أفق مفتوح جاءت به القاسمي عبر (لا ينتهي) فتركت أبواب التأويل الحسي مشرعة (بوح) يكاد أن يستمر ما استمرت الخليقة فيما كرسته من تشبيه حين استخدمت (يفتح الجرح). ومن ذلك التوظيف الرائع في (امرأة خارج الوقت) شدني الوصف الذي استخدمته في مفرداتها حين جاءت على ذكر مدينتها (كلباء) التي وصفتها بـ(مشيمة الروح)، وعمدت فيها إلى توظيف الخيال في النص الشعري لتركيز الصورة عبر المفردة حين قالت: (تحملني وأحملها)، وأبرزت العلاقة الروحية التي تربط الإنسان بمكانه أو مدينته بأجمل تعبير، وأخرجت من خلاله مكنون أحاسيسها لتسقطه شوقًا ملموسًا عبر ما يجول في خواطرنا كقراء نحو المدن التي نحب، فاستخدمت المقاربة الوصفية الدقيقة (المشيمة)، وهذه التي لا حياة بدونها. وذهبت إلى استخدام التشبيه عبر تضمين مفردة (النحت) لتخلد ذكرى الطفولة، وهي تعبير عن زمن تم توظيفه للدلالة على مرحلة عمرية، وقد أجادت ذلك فعلاً حين كرسته توظيفًا صحيحًا دالاً على الحدث. كلباء مشيمة الروح تحملني وأحملها نحتت في طفولتي يواقيت الفرح أسماء القاسمي فاتنة بكلماتها، رائعة بتشبيهاتها، متقنة في استخدام الوصف، دقيقة في صياغة القصيدة. لا نطيل إن قلنا إنها أجادت رسم القصيدة كلوحة فنية احتوت على عناصر السرد، ونجحت دون مبالغة. ناقد وصحافي عراقي Saad.aldughman@gmail.com

مشاركة :