عندما نشرت كتابي «العاطلون عن الحب ينامون مبكرا» كان لا بد من الإعلان عنه لتعريف الناس به، ولاقى ما أحسبه انتشارا، بعد حين نبهني صديق إلى إكثاري من التطرق إليه تغريدا وإعادة تغريد، وفعلا ظهرت الآثار الجانبية لكثرة الظهور، من مثل مهاجمة من لم يقرأ الكتاب -وظنه رواية- منتقدا إعطاءه أكبر من مستواه. أحمد زهير صاحب جدارية «وين رايح» نجح في البداية بتسويق لوحته التي جمع فيها بين صورة الأميرة سحاب بنت عبدالله وقصيدة الشاعر سليمان الصقعبي، ولاقت الجدارية تعاطف الناس، لكنه ما إن تجاوز سقف التسويق المعقول حتى ضجروا، وتحول الاحتفاء إلى انتقاد. فيصل حافظ شاب أخطأ في سخرية عنصرية، ثم قام -بما عجز عنه كبار- بالاعتراف والاعتذار السريعين، وتقبل الناس شجاعته في الاعتذار، لكنه أكثر من الظهور في الإعلام المقروء والمرئي، فانقلب تقبل الناس إلى تململ من اكتساب شهرة على حساب خطأ تاب عنه. غازي القصيبي اشتكى مما سماها التأثيرات السلبية للتغطية الإعلامية المحمومة حينما كان وزيراً للصحة، وكتب لرؤساء الصحف راجيا منهم ألا ينشر فقط سوى بيانات الوزارة لأن الاهتمام بشخصه لا الوزارة سبب له المشاكلات. الظهور والإعلان والتسويق ضرورة لكن كثرتها ضارة، وما بين الضرورة والضرر يحتاج المرء لحاسة استشعار ليعرف متى يتوقف، وإلا قصم ظهره إغراء الإعلام.
مشاركة :