في ظل عالم المنافسة المحموم، ومحاولة السيطرة على أكبر عدد من المستهلكين، احتلت الصورة الذهنية للشركات أهمية كبرى؛ حيث تسعى الشركات جاهدة، وعبر العديد من الطرق والاستراتيجيات، إلى تحسين صورتها الذهنية لدى أكبر قطاع من المستهلكين. ومن بين أبرز الطرق المستخدمة لتحقيق هذه الغاية (تحسين الصورة الذهنية للشركات) اتباع مبادئ وأسس المسؤولية الاجتماعية، عبر القيام بالكثير من الأنشطة الخيرية، والخدمات المجتمعية والطوعية. إن التقيد بما تمليه مبادئ وقواعد المسؤولية الاجتماعية من قِبل الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية المختلفة يعتبر نوعًا من الاستثمار، لكنه استثمار طويل الأجل؛ فحتى وإن كانت الشركة تنفق على هذه الخدمات أموالاً كثيرة في الوقت الراهن، فإنها تعود عليها بالنفع فيما بعد، وذلك بعد أن تكون احتلت مكانة متعاظمة في قلوب المستهلكين الحاليين والمحتملين.الصورة الذهنية.. في حدود المفهوم: لكلٍ منا صورة ذهنية متكونة لدى الآخرين، وفي الغالب يتعامل هؤلاء الآخرون معنا وفقًا لتلك الصورة الذهنية التي كونوها عنا. لكن هل نحن مسؤولون عن هذه الصورة الذهنية التي كوّنها الناس حول شخصياتنا؟ في الواقع، نحن بالطبع مسؤولون عن ذلك؛ فهذه الصورة/ الانطباع الذي كونه المحيطون بنا والذين نتعامل معهم حول شخصيتهم لم تأت هكذا عفو الخاطر، وإنما هي نتيجة تصرفاتنا، وسلوكياتنا، وردود أفعالنا المختلفة. والآن، هل ما ينطبق على الأشخاص ينطبق على الشركات؟ الجواب: بالقطع نعم. فالمستهلكون يكونون صورًا ذهنية عن هذه الشركة أو تلك بناءً على ما تنتهجه من وسائل وما تقدمه من خدمات. وبعيدًا عن هذا التأسيس النظري، ما هي الصورة الذهنية للشركات، التي نحن بصدد الحديث عنها الآن؟ يمكن القول: إن الصورة الذهنية للمؤسسات هي مجموعة من الانطباعات التي يكونها الأفراد (الذين سبق لهم التعامل مع هذه المؤسسة)، انطلاقًا مما يتلقونه منها؛ من خدمات، وسلع، بل حتى رسائل دعائية وتسويقية. وعلى هذا فإن الصورة الذهنية هي جملة الانطباعات الذاتية عن المؤسسة، وكونها ذاتية وعقلية في ذات الوقت، يجعلها غير ملموسة، بل تختلف من شخص لآخر. ونظرًا لأهمية هذه الصورة الذهنية فإن الكثير من المؤسسات التي تعي هذا الدور وتلك الأهمية التي تحتلها فكرة وفلسفة الصورة الذهنية؛ تعمل على خلق حالة من التأييد الجماهيري والعام لها عبر ما تقدمه من: أنشطة، برامج، خدمات، ومنتجات، بل حتى من خلال طريقة تعامل موظفيها مع العملاء والمستهلكين. وتبعًا لهذا التعريف للصورة الذهنية، يمكننا ملاحظة ذاك الرابط الوثيق وتلك العلاقة المتينة بين المسؤولية الاجتماعية والصورة الذهنية؛ فالمسؤولية الاجتماعية هي الطريق الذي تنهجه الشركات من أجل تحسين صورتها الذهنية لدى الجماهير. كيف تُحسّن الشركة صورتها الذهنية؟ هناك الكثير من الطرق والاستراتيجيات التي تتبعها الشركات من أجل تحسين صورتها الذهنية، ومن هذه الطرق ما يلي: 1- تعريف المؤسسة بذاتها: وذلك عبر ما تقوله المؤسسة عن نفسها، وما تحاول من خلاله إبراز ماهيتها، وما تتبناه من مفاهيم، ورؤى، وقيم، ومبادئ مثل: حماية المستهلك، كيفية استقبال الزبائن، وطرق التعامل معهم. 2- جودة المنتجات: هذه الطريقة العملية، غير المباشرة التي تقوم بها الشركة من أجل تحسين صورتها الذهنية، فالمنتج الجيد وحده القادر على ربط المستهلك بالشركة، لأطول فترة ممكنة. 3- شعار الشركة: قد تكون الشركة معبرة عن مدى ما تؤمن به الشركة من قيم ومبادئ، خاصة إذا كانت هذه القيم التي تتبناها الشركة تُعبر عن حاجة فعلية لدى المجتمع. 4- العناصر المادية: كل ما تملكه الشركات من عناصر مادية، مثل: الأثاث، السيارات.. إلخ يمكن أن تعمل على تحسين صورتها الذهنية لدى المستهلكين الحاليين والمحتملين.المسؤولية الاجتماعية والصورة الذهنية.. هل من علاقة: في ظل عولمة الأسواق، واشتداد حدة المنافسة، وارتفاع الأصوات المنادية بحرية السوق، وتركيز الجهد على مراكمة الربح وتعظيم الثروات، بات تطبيق وممارسة المسؤولية الاجتماعية ضرورة لازمة؛ من أجل تحسين صورتها الذهنية، وهو الأمر الذي يساعدها على جذب مستهلكين جدد، والحفاظ على العملاء الحاليين. إن ما تفعله الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية المختلفة، على صعيد المسؤولية الاجتماعية، يرتد إليها على هيئة مكاسب (مع ضرورة النظر إلى هذه المكاسب بشكل أوسع وأرحب، وعدم حصرها في المكاسب المادية الملموسة والمباشرة) تأتيها عبر الصورة الذهنية التي يكونها المستهلكون والجماهير عنها. اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية.. الاستثمار الخفي للشركات
مشاركة :