* الحُبُّ مُحرّكٌ أساسٌ لكثيرٍ من الفضائل والمشاعر الراقية، ولا يكتملُ الشعور به إلا بشيءٍ من المعاناة، ووصفَه (أفلاطون) بأنه مرضٌ عقلي عُضال، ولا أسبابَ أو علل واضحة له، وهو مُرتبط بالرغبة العارمة واللذّةِ النفسية والمصلحةِ الشّخصية ومبدأ النفعية.. يقول الدكتور علي الوردي: «ما الحُب إلا شبكةً يتصيّد بها صاحبُها ما يشتهي كشبكةِ العنكبوت». * يقول الكاتب الدكتور غازي القصيبي: «الحُب أبو العواطف الإنسانية وأبو التاريخ البشري، الدّين في جوهرِه حُبُّ الله، والقوميةُ حبّ الوطن، والفلسفةُ حبُّ الحقيقة، والسياسة حُبُّ السُّلْطة، والعِلم حبُّ الاكتشاف»، ويبدو أن الحُبَّ مرتبطُ بمشاعر الرّغبة الجَسدية في طرف، وبمشاعر العُذرية في طرفٍ آخر، وبينهما أنواع المشاعر المُتداخلة من الأنانية والإيثار. * وعلمياً، الحُبُّ كالدواء، يُعالجُ الأدْواء ويُسكّن الآلام، له أوقاتُه المُنضبطة وجرْعاته المُحدّدة ومفعولُه الصحّي وآثارُه الجانبية المُزعجة، وبعضهم لديه حساسيّة ضدّه، وقد يُؤدّي تناوله إلى الوفاة إذا ما أُسيء استخدامه!! وتشريحياً، يعدُّ مجرّد هرموناتٍ ونواقل عصبية، ومُخدّرا فعالاً للعقل!. يقول الكاتب ريك سانشيز: «أكره أن أحبطك، لكن ما يسمُّونه الناس «بالحُب» ليس إلا تفاعلاً كيميائياً، غايته دفعُ الحيوانات للتكاثر.. الحبُّ يضربُ قلبَك بشدّة، ثم يتلاشى ببطءٍ ويتركك عالقاً في زواجٍ فاشل». * من مشكلات الحُب، تَطلُّبه لاهتمامٍ كثير دائمٍ مُستمرٍ مُرهِق، لذلك يتهدّده «الملل»، وهذه المُعضلة قد تتسبّب في انتهاء تجارب كثيرة للحبّ إما بالفشلِ أو المرضِ أو الجنون. يقول الدكتور مصطفى محمود: «الحبُّ عطاءٌ اختياريُّ حُر، وليس مُصادرةً قهريةً وسلباً واغتصاباً، وفي هذه الحرّية جوهرُ الحُب». * وواقعياً: فالحُبُّ إحساسٌ جميلٌ لا يضاهيه إحساس، لكن أكثر تجاربه تفشل بعد نجاحٍ عاجلاً أو آجلاً، وإذا قدّره الله عليك، فهو كالموت، يُداهـمْك بغتةً، ولا يجوز عليك بعده إلا الرّحمة!! ويختصر دوستويفسكي هذا المعنى فيقول: «فرحةُ الحبِّ عظيمة، لكنَّ المُعاناة فظيعة.. والأفضَلُ للإنسان أن لا يُحبّ أبداً». * يقول جلال الدين الرومي: «هناك سبلٌ كثيرةٌ لتصلَ إلى الله، وأنا اخترتُ الحبّ لأصِل إليه». ويقول الإمام أبو حامد الغزالي: «المحبة لله هي الغايةُ القُصوى من المقامات، والذّروة العليا من الدّرجات، فما بعدَ إدراك المحبّة مقامٌ إلا وهو ثمرةٌ من ثِمارها، وتابعٌ من توابعها كالشوق والأُنس والرّضا وأخواتِها».
مشاركة :