فاطمة الأحمد تكتب لبرق: شُعلة تدْحَضُ ظلاماً

  • 9/30/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دائماً هناك موطنٌ للأمان، محصَّنٌ ضِدّ العبثية التي تورِّثُ في كل قلب نكتة سوداء وتُسرّع في تضييق حدقة الوجود. هذا الموطن مسيَّجٌ دوماً ضِدّ التراكمات، وضِدّ التلاشي، والضُمور أو الهزائِم. تَقول جدتي: عندما تعرف الله لن تشْقى ولن تَتَخبطَ أو تغرق كما غَرِقت أفواجٌ كثيرة في شبرٍ كَشراك النعل وهم يعلمُون أنها تواصل إلى الغرق بمحْضِ إِرادة! الذين يعرِفون الله دائماً قُلوبهم مُزهِرة، ومَمَلوءةٌ بالخير، ولا تكرهُ شيئاً. دائماً يملك هذا الموْطن مَحاسن من الطمأنِينة تُبقي هذا القلب في سكونٍ عندما يَهْلع، عندما لا يقوى على الصمود والبقاء تحت ظلٍ مفْزع وتحمل تساقطه. لأنه -وأبداً- لا تتوارد المَخاوِفُ بيقينٍ مؤكدٍ أصلُهُ للسماء ومن ثم إلى ما بعد المأْوَى. حتى هذا المد لا يُمْكِنُه أن يطْمُرك، وهذه الأعاصير لن تقْتَلِعُك، وهذا الاجْتِياح لن يُطِيحَ بك.. فكلّما حَارتْ قدمك تذكرت ونَجوْت.. وكلما تَناوشتْك جارحَةٌ سلِمتْ، معه تَتَوصل دائماً للخلاص، وتُدْرك أنك في مأْمنٍ حقيقيّ حتى والدنيا تضْطَرِبُ من حَولك.. تعرف أنك في وريفٍ لا خريف له طالما أننا نُعمِّرُ موطِنُنا ذاك بما يُبقي عليه البُنيان منيعاً متصلاً. فهذه الأرض لم تكن كذلك لولا العِمارة.. أيُّ بقعةٍ ما لم تكن كخلقتها الأولى. كذلك محراب اليقين والأرجَاء يَعمرها العمل المخْلَص والسنين العجاف التي تستمد لفقرها من ندرتنا، وخُلسات الخَبايا في جوف الليل وكلاً من اللائِذين و المحتمين بسقف لا تخر سواريه يشحذونها ويزيدون توطدها ويزيدون أيضاً من حماس المقبلين ورغباتهم المُرْتعِدة. حتى عندما تقْتَحم أبواب الحياة فإنك لا تخشى ولا تَهاب. الذين يعرفون الله عِمادهم متين الركِيزة إلى أعلى ونورهم حقيقيّ وبقيةُ الأنوار مصّنعة، إنه النور الوحيد ومادونه يبْهَت، فالذين يعرفون الله شُعلتُهم أقوى لِدحْض ظلام الدُنيا كلهِ، فتعهّد معرفتُك ومصْبَاحك.

مشاركة :