كان لهولاكو ذلك التتري الرهيب تكتيك شيطاني هو أول من أبتكره وطبقه وعرف بأسمه، حيث اكتشف أن الحرب ليست فقط خدعة، وإنما الذي ينتصر هو الذي يُوهم خصمه أنه أكثر قوة، ليس هذا فقط بل يكون هو القادر علي إرعاب خصمه ، واكتشف أيضا أن الذي يهزم الجيوش ليس خوفها أو قتلها ، وإنما أن يجتاحها نوع من الرعب الجماعي بحيث ترتعش ويتفكك الجيش إلى شراذم مرعوبة ممكن أن تلقي بكل ما لديها وتجري هارعة فاقدة القدرة علي التفكير والتصرف..كان هولاكو إذا أراد أن يغزو عاصمة لا يتجه إليها بجيشهُ ويلتحم مع حمايتها، وإنما كان يختار ضاحية قريبة من المدينة ويدخلها بجيوشه العاتية ويقيم مذبحة تشيب لهولها الرؤوس، فلا يترك طفلًا أو امرأة او شابًا أو شيخًا إلا وَبقر وذبح ومَثل بالأجساد والناس تمثيلًا لم تعرف وحشيته البشرية من قبل، ولكنه كان لا يفتك بكل سكان القرية أو الضاحية التي يختارها، وإنما كان يُتيح الفرصة لعُشر السكان أو رُبعهم أن يهربوا من القرية، لأنه كان يُدرك أن رُعب هذه المجموعه سيدفعهم إلى الإسراع للإحتماء بتجمع سكني أو بالجيش، ناشرة وصارخة ومشيعة كمًا مهولًا من الفزع يدب في الجنود وجموع السكان المدنيين وهكذا لا تلبث تلك المدينة إلى أن تتحول لجهنم مذعورة.. إتبع الإرهاب الأسود نفس المنهج ظنًا منه أن المسلسل سيُعاد تاره أخرى و عند رؤية الجنود لإخوانهم غارقين في دمائِهم يشيع في قلوبهم الرعب الجماعي فيتفككوا إلى شراذم هاربين ، ولكن الدماء التي تسيل عند النظر إليها تفور لها دماء الإنتقام فيصروا على المقاومة أكثر وأكثر، فلم ولن يهرب جنديًا تاركًا سلاحه ، كلا منهم يعرف أن بينه وبين الموت مفترق خطوات باقية فلا يتراجع ولا يقف، وإنما يهرول مسرعًا مواجهًا عدوه بكل قوة دون خيشة من الموت.. إن الغزوة الإرهابية التي نتعرض لها اليوم لم تكتفِ بتمزيق عروبتنا وإنما باعتبار معظم العرب مسلمين استخدمت الإسلام نفسه لضرب العروبة، عن طريق خلق نوع غريب من الإسلام في ظاهرة إسلام وفي باطنه الخدمة الكبرى للتحالف الصهيوني الأمريكي ، ولهذا السبب قامت معركة جمال عبد الناصر مع الإخوان المتلصقين في الإسلام والإسلام برئٌ منهم ، فأنتصر في القضاء عليهم ليس فقط بتصفيتهم وتصفية جهازهم السري الرهيب ، وإنما بتجنيد مصر كلها والعرب كلهم لمقاومة العدو الغاشم والقيام برسالة الإسلام الحقيقية علي الارض..وحين حدث هذا تبين للإخوان أن قضيتهم قد خسرت فقامروا علي خلق دعوة جديدة وابتكروا مسألة تكفير الناس بتهمة عدم طاعة الله ، ونُشرت جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجماعات التكفير والهجرة وغيرها، ووُضعت القيود علي وسائل الاعلام والصحافة فكان هدفهم استقطاب أغلبية مُسلمة من الشباب تنفذ الأمر تحت منطق القوة الغاشمة، عن طريق سياسة غسل العقول وغرس بذور الإنتقام والنشأ على مبدأ السمع والطاعه والتنفيذ دون تفكير باعتبار ذلك أقرب طريق للجنة. مؤامرة بشعة كانت تُرتكب بأسم الإسلام من جماعة همجية غارقة في إجرامها ضد الإنسان والأرض تستتر في الدين ، يزعمون علي أنهم يطبقوا شريعة الله وفي الوقت ذاته يروقون دماء عباده ، ليست قضيتنا ما يؤمنون به أو ما يخدعون به أنفسهم وغيرهم ، فالفرنسيون غزوا مصر بحجة تخليص الشعب المصري من عصابات المماليك والطغاة ، والطليان اقتحموا ليبيا بحجة أن ليبيا أرض رومانية ، والإنجليز غزوا مصر بحجة حماية أرواح الأجانب ضد المتمردين من الشعب المصري ، فليس غريبًا أن يأتي الإخوان ويكفروا ويزهقوا أرواح الناس بالباطل تحت اسم الدين .. أما عن أولى أدوات المخطط الإرهابي فهي الشباب الذين يعانون من اضطرابات نفسية، فيلعبوا على نقاط ضعفِهم مستغلين الظروف كمفتاح للإقناع ، فتبدأ مرحلة غرس البذرة الأولى إلى أن تصل لمرحلة خلط الدم بالماء لتصبح الدماء باردة، شباب في مُقتبل العمر وفي أعلى المؤهلات ينسابوا وراء فكر شيطاني فاسد يسمم فكرهم وعقيدتهم ودمائهم، فيُصبحوا عبيد للشيطان قاصدين الجنة!! العجيب أن مع كل تفجير وعقب كل عمل إرهابي نزداد قوة وعزم وإصرار ، ترى الجنود يتسارعون من أجل الشهادة ويعتدوا لها دون علمهم بالاستجابة ، كلًا علي حده يعرف الموت جيدًا، ويدرك أن الحياة بالنسبة له عبارة عن (حروف) هو مسؤول عن كل حرف فيها لوطنه .. "فالحاء حماية ، والياء يمين ، والألف أمان ، والتاء تماسك وترابط حتى لحظات النصر أو لحظات النهاية".
مشاركة :