إن العقل السياسي المفكر يواجه عدة تحديات إلا أن الأمر يقتضي تجاوز الأخطار وإجلاء الغموض، وتحمل مسؤولية مستقبل ومصيرالأمة وتحمل تبعية الأفعال بكل اقتدار. لقد سعت الجهود السعودية بقيادة الملك سلمان إلى لقاء تشاوري مع قادة دول مجلس التعاون وبحضور الرئيس الفرنسي، والتشديد على دعم استقرار اليمن والمحافظة على أمن دول الخليج. فكانت كلمة خادم الحرمين الشريفين تستهل اللقاء بالترحيب بفخامة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رئيس جمهورية فرنسا الصديقة، والمساهمة هذه تنم عن اهتمام بقضايانا الإقليمية وتعزيز العلاقات والروابط على مستوى عال جداً. لقد طرح الملك سلمان في القمة الخليجية ثلاث قضايا محورية تحدد مصير أمن الدول العربية واستقرارها من قضية اليمن وفلسطين وسورية وفصّلها على النحو التالي: نجاح أهداف عاصفة الحزم وبدء المرحلة الثانية من إعادة الاستقرار والأمن والحياة الطبيعية للشعب اليمني مع بذل مساعدات ووضع قواعد صارمة للتصدى لمليشيات الحوثيين وتفعيل دور الحكومة الشرعية اليمينة. ونوه بأن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية للأمتين العربية والإسلامية وبالتالي فإن معاناة شعب فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي يعد تهديداً للسلم والأمن في المنطقة العربية ونهيب بدور فاعل لمجلس الأمن الدولي في مبادرة السلام. وتأتي الأزمة السورية في ملف القضايا المهمة والتي طال أمدها دون حلول تُذكر وتجاهل المجتمع الدولي للإبادة التي يتعرض لها الشعب السوري، ولكن خادم الحرمين الشريفين أشار بان بيان جنيف يمثل بداية لتحقيق السلام والاستقرار في سورية مع تأكيد نهاية النظام الحالي في تحديد مصيرها، وكبح جماح الإرهاب الذي انتشر في معية هذه الفوضى ولكن الائتلاف السوري يقلل من تأثير مشاورات جنيف، ولم يغب الملف النووي عن القمة ومناقشة تدخل إيران في العراق وسورية واليمن ولبنان. فيما أثنى الرئيس الفرنسي على ثقة الملك سلمان وشكر جهوده المتميزة وخطواته الرائدة في مواجهة التحديات والتي ترتبط بالجماعات الإرهابية فضلاً عن تقديم عدد من المبادرات التي تنم عن عقل وعزيمة هذا القائد الشجاع أهمها تشكيل قوة عربية، وعاصفة الحزم التي تحولت إلى إعادة الأمل، والتهديدات التي تواجه دولكم ونواجهها أيضاً ، وإن فرنسا كانت ومازالت تصر على الصداقة وأن تكون شريكاً وحليفاً قوياً ويمكن الوثوق به، وتوفير أفضل التكنولوجيا في المجال الصناعي. فكان ذلك إنجازاً مبهراً اعترف به العالم أشار إلى الملك سلمان والتحالف العربي وتعزيز الشرعية في اليمن، وقد أثنت قمة الخليج على هذه الجهود العظيمة التي تخبر عن سياسة خادم الحرمين الشريفين والجذور الأخلاقية لمواجهة أزمة سياسية حادة في الدول المجاورة ومدى تأثيرها على شعوبها، فكان صوت العقل أعلى من الأصوات المبعثرة في الهواء ما أكد حكمته وإدارته السياسية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة. إذاً، لا يمكن للحضارة أن تتجدد دون سلم وأمن واستقرار وتحالف وإستراتيجية تؤسس الأعمال الإنسانية، ولا سبيل إلى النجاة من الحرب وآلة القتل إلا بسياسة حكيمة وحركة أخلاقية إنسانية، وتوجيه القوى والإمكانات إلى إعمار العقول والأرض والسيطرة على الأحداث والمجتمع، وعلى هذا فإن الوجود الإنساني يرتبط بالسلام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي حيث إن السياسة لا يمكن أن تنفصل عن الأخلاق، وتدخل دخولاً جوهرياً في امتلاك فرص لحياة أفضل.
مشاركة :