قال الشيخ محمد حسين مفتي القدس، لقد نجح مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم “الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي” في تعميق الوعي الرشيد وتفعيل السعي الحميد وصولا لأهدافه. وأوضح خلال كلمته في اليوم الختامي لمؤتمر دار الإفتاء أن من ثمرات هذا المؤتمر إصدار وثيقة التسامح الفقهي والإفتائي، وقع عليها أعضاء الأمانة. وأشار إلى ظهور موجات عاتية من التعسُّف والكراهية والتعصُّب عوَّقت عبر التاريخ جهود مسيرة الفقه والإفتاء، وهذا تطلب من الأمانة العامة الإصدار النوعي من هذه الوثائق لتقرير مبادئ التسامح ونبذ التعصب في مجال الإفتاء والفقه الإسلامي. وأوضح أن الهدف من الوثيقة هو نبذ التعصب المذهبي المهدد للتماسك الاجتماعي ومواجهة محاولات التطرُّف لاستغلال الاختلاف الفقهي في نشر الكراهية، وتأسيس لمبادئ التسامح الفقهي والإفتائي التي تنطلق من الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي. وأشار إلى أن وثيقة التسامح الفقهي تؤكد على أن الاختلاف سنة الله تعالى بين خلقه، وهو باب للتنوع الثقافي والتكامل الديني والمعرفي وأن الإدارة الحضارية للخلاف طريق يُتَّبَع لتجديد الخطاب الديني وللرُّقي الحضاري ومعالجة القضايا والمشكلات والتحديات المعاصرة. وقال إن الوثيقة ترفض الولاء لجماعة أو تنظيم ديني بدعمه أو الدعوة إليه على حساب الاستقرار الوطني طريق للتعصُّب والكراهية يُضاد مقاصد الشريعة الإسلامية، كما ترفض الوثيقة المحاولات الاحتكارية للإسلام، فالإسلام دين إلهي جامع للمذاهب المعتمدَة؛ ليس حكرًا على مذهب دون آخر. وأشار إلى أن المرجع لكل مذهب فقهي هو الكتب المعتمدة فيه وليس الآراء الشاذة، والمرجع لكل منهج واختيار إفتائي هو ما تنشره المؤسسة الإفتائية. وقال إن الموقعين على الوثيقة تعهدوا باحترام الاختلاف الفقهي والإفتائي، وذلك بالعمل على أن يخلو المحتوى العلمي المعاصر في مجالي الفقه والإفتاء من كل ما يدعم الانتقاص من مذهب أو رأي معتَمَد، كما تعهدوا بدعم التجديد المذهبي؛ وذلك بتثمير الاتجاهات المذهبية بعرضها على الواقع المعيش لتسهم في معالجة القضايا والمشكلات المعاصرة. وشدد علي أن وثيقة التسامح الفقهي دعت الدول والهيئات المعنية إلى رفض كلِّ مؤسسة أو جمعية أو هيئة فقهية أو إفتائية تدعو إلى الكراهية أو العنصرية أو العنف أو تسوِّق إلى أغراض حزبية، وتجريم كل اعتداء من شأنه أن يُثير الفتنة أو الكراهية بين أتباع المذاهب المختلفة.
مشاركة :