احتفلت المنطقة الشرقية في الأسبوع الماضي بجائزة الشاب عبدالله بن بدر السويدان -يرحمه الله- للتميز في دورتها الثالثة التي رعاها أمير المنطقة الشرقية -يحفظه الله- والتي تعتبر أكبر الجوائز التعليمية، هذه الجائزة التي اتخذت شعارا ومدلولا واضحا نحو التأكيد على الرواسخ الدينية، وإرساء قواعد سماحة الشريعة وتعميقها في النفس التواقة، لكل ما هو مفيد وجميل في هذه الحياة. ومع إشراقة الانطلاق في غمار التميز والتفوق، وبلوغ التحدي بين الطلاب والطالبات، وهنا أتوقف قليلا وأتعمق أكثر في هذا العمل. لقد جرت العادة، أن يخلّد الابن ذكرى أباه كما هو متعارف عليه، حيث يقوم الاب بتربية أبنائه حتى يتوفاه الله، لينقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له. أما اليوم، فنحن أمام نموذج مختلف لحاله إنسانية، وهو نموذج الاب المكلوم الذي أنزل الله على قلبه السكينة، بعد أن فقد ابنه في ريعان الشباب، ذلك الشاب المتفوق والمتميز صاحب السمعة العطرة بين الشباب. والذي كان يقول لوالده: (يابوي أنا إن شاء الله أرفع راسك)، كان حريصاً كل الحرص على التفوق والتميز بين إخوانه الطلاب. ليستوعب صدمة فقد الابن الشاب ويحولها إلى عمل صالح، ينتفع به الابن كصدقة جارية من أب حنون وفقه الله لأن يكسب ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، من خلال تنظيم واحدة من أكبر جوائز التميز في حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية، والموهبة والابداع واللغة العربية وآدابها بالمنطقة الشرقية. وصدق الشاعر حين قال: الناس صنفان موتى في حياتهم وآخرون في بطن الأرض أحياء فقد أحيت هذه الجائزة ذكرى الشاب عبدالله الذي فارق حياتنا الدنيا، لكن ذكرى الجائزة ستظل تسعد نفوس من يفوزون بها أبد الدهر -إن شاء الله-، ولقد سعدت وأنا أتفحص وجوه الفائزين والحاضرين من الآباء ورجال التعليم والمشايخ وضيوف الجائزة من مختلف أنحاء المملكة الملبين والمشاركين والداعمين لهذه الجائزة الشاب عبدالله بن بدر السويدان -رحمه الله- للتميز بفروعها الأربعة: القرآن الكريم والسنة النبوية واللغة العربية وآدابها والتفوق. فكم كانت هذه الفرصة دليلا على قبول هذا العمل الصالح. إن هذه الجائزة التي وهبها رجل الاعمال المعروف بدر السويدان لابنه المرحوم عبدالله، يجب أن تكون نموذجا يُحتذى ليتواصل العطاء والتشجيع للموهوبين من أبنائنا، خاصة وأن مثل هذه المبادرات تحظى برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، نظراً لشموليتها وطابعها الإنساني والعلمي والاجتماعي والثقافي والإبداعي. وكانت عملاً كبيراً للتنافس الشريف والتفوق والتميز بين أبنائنا الطلاب والطالبات، وأكبر دليل على التفاعل الكبير. والمشاركة الكبيرة في هذه الدورة بلغت16،270 مشاركا ومشاركة، مما جعل هذه الجائزة الأكبر والاعلى بين جوائز التفوق التعليمية بالمنطقة الشرقية، حسب تقرير المتخصصين والمشرفين، وهنا لنا أن نسجل ارتفاع عدد المشاركين من الطالبات إلى (9336) مشاركة متفوقا على عدد الطلاب الذي بلغ (7034) مشاركا. هذا التطور الكبير، هو مؤشر واضح لتحقيق الجائزة أهدافها، وخلق روح التنافس بين الطلاب والطالبات الراغبين في التميز والابداع، وتكريمهم في مختلف فروع الجائزة ذات الطابع العلمي والإسلامي. وأيضاً، لمسة القائمين على الجائزة من خلال الاقبال الكبير من كافة المحافظات والمدن التي تم تغطيتها للجائزة خلال الدورات الأولى والثانية والثالثة. وهناك مطالبة من قبل الإعلاميين، بتعميم المسابقة على مستوى المملكة. وهذا واضح جداً في النظرة المستقبلية للجائزة، حيث عملت الجائزة منذ انطلاقتها الأولى على السير بخطى ثابتة وجادة نحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية التي كان من أهمها التوسع الجغرافي على مستوى المملكة، ثم الإبحار بعد ذلك إلى جميع أنحاء العالم العربي، ومنه إلى كل دول العالم -بإذن الله تعالى-. وهذا ما أكده رئيس أمناء الجائزة والقائمون عليها من خلال تطبيق أهدافها وفق جدول زمني محدد ومتقن. وها هي تبدأ في الانتشار والتوسع، بعد ان كانت مقتصرة على المنطقة الشرقية التعليمية فقط. فقد أصبحت الآن تضم حفر الباطن ومنطقة الاحساء التعليمية، وتطمح أمانة الجائزة إلى تغطية كافة مدن ومناطق المملكة في القريب العاجل. والجدير بالذكر، هو مشاركة وتنافس طلاب وطالبات من جنسيات مختلفة مثل: (مصر- الأردن- السودان- اليمن- سوريا- فلسطين- تونس- الجزائر- دول مجلس التعاون). كما أن تشريف عدد كبير من هيئة كبار العلماء وأئمة الحرم وأعضاء مجلس الشورى وكبار رجال التعليم والمعرفة والثقافة لهو دليل واضح على أهمية الجائزة ودورها العلمي والتربوي في خدمة أبنائنا وبناتنا، والمساهمة في إعداد الجيل الصالح الذي يستطيع حمل مشعل التعليم والتعلم وخدمة وطنه في كافة المجالات. ولا يسعني في ختام مقالي هذا، إلا أن أتوجه بالشكر والتقدير للقائمين والعاملين والمشرفين على هذا العمل النبيل، الذي يساهم في الرقي والتقدم والتميز بين شباب بلادنا. حفظ الله بلادنا وأدام نعمة الأمن والأمان، إنه سميع مجيب. خبير الشؤون الإعلامية والعلاقات العامة
مشاركة :