تأملات إيمانية في آيات القرآن الكريم (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (1)

  • 10/26/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أشارت آيات القرآن الكريم إلى أن ماء الأرض مصدره السماء، كما في قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر ٍفَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ). (المؤمنون 18) (وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا). (النحل 65) (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ). (الأنفال 11) (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا). (الروم 24) فلا شك إذا أن المصدر الأساسي لماء الأرض هو السماء، فقد ورد في القرآن الكريم عشرون آية كريمة تتحدث عن الأصل السماوي للماء، وقد اكتشف علماء الفيزياء الفضائية أن الماء يوجد بحالته الغازية على هيئة بخار ماء في الكون، وقد ثبت وجوده في الغلاف الجوي للعديد من الأجرام في مجرة درب التبانة، وذلك في كل من الشمس، والقمر، وعطارد، والزهرة، والمشترى، وزحل، وأورانوس، ونبتون. كما يوجد بخار الماء أيضاً في الغلاف الجوي للنجوم، وذلك بشكل لا يقتصر على النجوم التي بردت أغلفتها الغازية، بل اكتشف الماء أيضا في النجوم الضخمة العملاقة مثل منكب الجوزاء، والنجم الراقص في كوكبة الملتهب، وقلب العقرب، والسماك الرامح، كما اكتشف بخار الماء أيضاً في الأقراص النجمية الدوارة. وتوجد العديد من الفرضيات التي تحاول تفسير وجود الماء على كوكب الأرض، وتتبع هذه الفرضيات تاريخ تشكل الكرة الأرضية ومراحل تطورها الجيولوجي، وتأخذنا إلى استنتاج أن الماء لم يتشكل ضمن النظام الأرضي بسبب ارتفاع درجات حرارة الأرض وقتئذ، وتقول الفرضية العلمية التي تتفق تماما مع الإخبار القرآني، أن تهاطلا كثيفا من نيازك وشهب كبيرة مكسوة بالثلج، قد ضربت الأرض خلال المراحل الأولى من تشكلها، وقد كانت هذه المذنبات والشهب مكونة من كتل من الصخور والجليد الضخمة، وأحادي أكسيد الكربون وبعض من غازي الميثان والأمونيا، وقد ارتطمت بكوكب الأرض، وانصهر الجليد وتحول إلى ماء سائل بفعل حرارة الأرض الشديدة في الفترات الأولى لتكوينها، وكان ذلك منذ ما يزيد على أربعة بلايين سنة، وبهذا أتيح لها فرص قيام الحياة عليها فيما بعد. وللتأكد من تلك الفرضية، أطلقت العديد من المسابير إلى بعض المذنبات وتأكد وجود الماء فيها، ومن هذه التجارب المهمة، تجربة وكالة الفضاء الأوروبية التي أطلقت مسبارا إلى مذنب (67Churyumov-)، لتحليل الجليد الموجود على سطحه، وفحص نسبة الهيدروجين الثقيل للتأكد من كونها مطابقة لنسبته على كوكب الأرض، وكانت النتائج إيجابية، مما يعني أن مصدر ماء الأرض هو بعض هذه المذنبات الموجودة ضمن المجموعة الشمسية. وقد تبين أن إنزال الماء من السماء قد تم بطريقتين، الأولى نزول الماء من السماء أثناء تشكل الأرض عبر مليارات السنين عن طريق الشهب والنيازك كما ذكرنا، والطريقة الثانية نزول الماء من السحب والغيوم كأمطار، وفق دورة الماء الطبيعية التي تتكرر باستمرار. وقد تسربت كميات كبيرة من هذه المياه إلى باطن الأرض، منذ ما يقرب من خمس وعشرين مليونا من السنوات، وكونت بذلك المخزون الأرضي للمياه، كجزء من تمهيد الله سبحانه وتعالى الأرض لتقوم عليها حياة الإنسان. وقد تم اكتشاف كميات هائلة من المياه مخزنة على عمق (400 إلى 600) كيلومتر تحت سطح الأرض، وهي كميات تتجدد باستمرار، وهذه الكميات الكبيرة تعادل ثلاثة أضعاف ما نراه على سطح الأرض، وقد تبين أن جزءا من هذا المخزون يتسرب من المياه الجوفية إلى البحار والمحيطات في دورة مياه كبرى، وقيل إن هذه الدورة تحدث عبر ملايين السنين. هذا عن المصدر الأول والأساسي لماء الأرض، ولكن هنالك آيات كريمات أخرى تشير إلى أن الأرض تعتبر مصدرا من مصادر الماء، كما في قوله تعالى: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا). (النازعات 30-31) (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي). (هود 44) (وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ). (البقرة 74) فهل يعتبر الماء المخزون في الأرض، والذي تكون عبر ملايين السنين، نتيجة لماء السماء فقط؟ أم أن الأرض -وفق ما جاء في آيات القرآن الكريم- تعتبر أيضا، مصدرا للماء؟

مشاركة :