من شاهد مسرحية (ريا وسكينة) يعرف ما أقصد بعنوان المقال، ولكن الأبعد من عبدالعال وعينه هو موضوع تعلق الناس بمفهوم الإصابة بالعين في المجتمع وسأشرحها لاحقًا بعد أن ننتهي من عين عبدالعال حيث هو أجمل مقطع في المسرحية فالشاويش عبدالعال (أحمد بدير) تستلطفه وتتوسل إليه سكينة (سهير البابلي) أن يدرك أنه هو المعني للزواج منها على اعتبار اسمه يبدأ بحرف العين إلا أنه يظهر لها أنه أغبى من أن يدرك المطلوب وأنها تحبه وتريده أن يكون زوجًا لها، لكنه مع كل توضيح له يتقاطر منه الغباء بزيادة مع العلم أن اسمه واسم أبيه وجده وعائلته كلها فيها حرف العين. فالعين (الحسد) الله يكفينا وإياكم شرها حق وثابتة في القرآن والسنة إلا أن التفسير للأحداث والأمراض وكل ما يصيب الإنسان بسبب العين فهذا مما يتعارض مع ناموس الحياة وقوانين الطبيعة التي هي من أمر الله، فالوقاية والاحتراز من العين يوضحه قوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) فلا عين أبدًا تصيب إذا ذكر الله بمثل هذا القول (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) ومن تحصن بالمعوذات لا تصيبه عين أبدًا لان الاستعاذة منها إنما هي برب الفلق من شر ما خلق ففي ذلك صد للعين و»لقاح» فعال يمنع حدوثها وبالتالي يجب أن يواجه المرء ما يحدث له أنه مرض وليس عيناً مما يقتضي البحث عن علاج له وليس البحث عن شيخ يقرأ اعتقادًا أن هناك عيناً، والحمد لله اليوم مع العلم والطب والتوسع المعرفي لا مكان لمثل هؤلاء الذين يدعون أن مع المصاب (المريض) عين أو سحر أو جن أو مس حيث كانوا يستخدمون «الرقية بالتفلة» (وهنا يجب أن نفرق بين النفث الذي هو سنة ويعني النفخ دون ريق وبين التفل الذي يعني النفخ مع الريق وهو ليس سنة)، يغرقون مرضاهم بما يحملونه من الميكروبات أثناء التفلة الخاصة بهم كما يشوهون الدين بذلك وقد أعجبني أحد المشايخ ممن كان يمارس هذا الدجل حيث اعترف بأن ما كان يعمله محض كذب ودجل وقد جمع الملايين بالضحك على الناس باسم الرقية الشرعية لمعالجة العين والسحر والمس ويبقى مع ذلك أن نفهم كيف يمكن للقرآن أن يكون من خلاله الشفاء. ان القرآن الكريم والأدعية النبوية الصحيحة الثابتة عن النبي صَلى الله عليه وسلم هي البلسم والعلاج لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) وقد ثبت في السنة النبوية ازالة السم من الجسم بقراءة فاتحة الكتاب لكن الأولى بالمريض أن يرقي نفسه بنفسه ولا ضير أن أحدًا من أقاربه أو الصالحين يرقيه فلذلك كله أثره ونفعه ولكن ليس عبر دكاكين الراقين الدجالين. نعود لموضوع العين للقول أن الأصل أنه لا عين إنما أقدار وأحداث وأمراض وقد يكون في حالات نادرة لمن لم يتحصن أو أن شخصًا لم يذكر الله تكون عين حقًا فهذا التفكير هو الأسلم للمجتمع حتى لا تتخوف الناس من بعضها أو أن بعضها يتهم البعض الآخر وكي لا يعيش بعض الناس في المجتمع في هوس عدم اظهار النعم خوفًا من العين ويبقى في ذهن البعض مهما تكلمنا ووضحنا عن العين أن ما أصابه عين وأنه غير مريض مع العلم ليس فيه شيء يمكن أن يعاينه الناس عليه أو من أجله لكنه حال سكينة مع عبدالعال: «عين يا عبدالعال عين».
مشاركة :