انتفاضة الشعب العراقي ضد التسلط الإيراني

  • 11/13/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إذا رجع بنا الزمنُ عامين أو أكثر إلى الوراء وسألت مواطنا عراقيا: هل يجرؤ كائنٌ من كان أن يسب إيران أو قياداتها أو أحد مراجعها أو يذم التيار الديني السياسي في العراق؟.. دون أدنى شك سوف تكون الإجابة «لا»، بل قد يلوذ من يُسأل بالفرار خوفا على حياته. اليوم تغيرت الموازين وخرج الشعب العراقي بمختلف أطيافه وأعراقه وانتماءاته يجول الميادين والساحات رافعًا شعارات تدين وتستنكر ما آلت إليه السياسة الإيرانية المتسلطة في أرض العراق منذ عام 2003م وما ولدته من تيارات سياسية أشبه ما تكون بالمستعمر المغتصب لأرض الرافدين ولثرواتها واضطهاد شعبها. خرج الشعب العراقي ليس للاستنكار وإنما لإظهار ما يكنه في قلبه من ألم وتراكمات وحرقة على وضعه المزري الذي فرضه النظام الإيراني وهذا ليس بالمستغرب ففاقد الشيء لا يعطيه، فإن كان النظام الإيراني العراب للنظام العراقي الحالي يحمل الخير للشعب العراقي ما بخل به على شعبه الذي يعيش نصفه تحت خط الفقر بينما أموال إيران تسخر للتغلغل في الجسد العربي وتمويل الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المجتمعات العربية. عندما يطأ المواطن العراقي بأقدامه صور الرموز الإيرانية في الساحات وبشكل علني ويذم سياستها وطائفيتها فاعلم بأنه بلغ السيل الزبى، فأمرٌ كهذا لا يمكن الإقدام عليه إلا عندما يُدرك المواطن بأنه لم يعد هناك شيء يخاف عليه أو يخسره فقد نزع الخوف من قلبه وكُسر حاجز الرهبة وإن تراجع اليوم سيعود غدًا أكثر قوة وأشد بأسًا، وعقدة الخوف انحلت ولن يهدأ الشارع إلا برحيل هذه العصابة السياسية بدءا من مجلس النواب والحكومة وحتى رئاسة الجمهورية وكل ما يرتبط بها من القيادات والأحزاب والمليشيات الطائفية غير النظامية التي سلبت العراق سيادته وأمنه واستقراره وحرمت المواطن من العيش بحرية وكرامة وحياة طبيعية كباقي الشعوب، والأمر من ذلك كله أنها سلبت منه وطنه أغلى ما يملك ولعل ما غناه الفنان التونسي الكبير لطفي بوشناق يحاكي الوضع الذي يعاني منه الشعب العراقي: «أنا مواطن وحائر أنتظر منكم جواب، كل خوفي من الضباب لا حروب ولا خراب لا مصائب لا محن خذوا المناصب والمكاسب لكن خلوا لي الوطن، أنا حلمي بس كلمة أن يظل عندي وطن»، وما حدا بالمواطن العراقي للخروج في هذه الاحتجاجات السلمية في مختلف المدن على الرغم من وحشية القمع الذي يمارسه أفراد الحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي ضد هؤلاء المحتجين إلا بسبب شعور العراقيين بأن وطنهم فقد هويته وسيادته وحريته. بالأمس القريب رأينا كيف هُدد ضابط شرطة مكافحة المخدرات بالقتل والسحل نتيجة لأنه طبق النظام والقانون على رجل دين ضُبط وهو يهرب مخدرات إلى الداخل العراقي، واعُتبر ذلك إهانة للرموز الدينية فقامت الدنيا ولم تقعد حتى إنه تم إخفاء الضابط خوفًا على حياته، وهكذا تتم إهانة الدولة حتى أصبح نفوذ المرجعيات أعلى من سلطة الدولة بل أصبحت هي السلطة التي تأمر وتنهي وليس للدولة بكافة أجهزتها الحق بردعها أو تحجيم نفوذها، فهل هذه السياسة تعيد للعراق هيبته وتحفظ للمواطن كرامته وترتقي بأرض الرافدين إلى ما كانت عليه من قوة وأنفة ورقي وازدهار؟! في يوليو الماضي من هذا العام وضمن التعليقات التي وردتني في تويتر قال الناشط العراقي «نشوان العلي»: إن الوضع العراقي سوف ينفجر عاجلا أم آجلا وحدد ذلك بمدة عام إلى عام ونصف كحد أقصى، فما كادت أن تنقضي بضعة أشهر حتى انفجر الوضع السياسي في العراق باحتجاجات لم يشهد العراق مثيلاً لها من حيث المكون الذي جمع كل الطوائف والأعراق والانتماءات في قضية واحدة هي استعادة وطنهم من قبضة النظام الإيراني ووكلائه ليعود العراق إلى محيطه العربي الإقليمي كدولة ذات سيادة تمتلك ثروات طائلة يجب أن تسخر لتنمية العراق ورفاهية شعبه ولينعم كل مواطن بحياة هانئة أمنة مستقرة في ظل وطن يمتلك قراره السيادي بعيدًا عن المحاصصة والطائفية والتبعية لأي نظام خارجي كائنا من كان، فالعراق بلد يمتلك من الكفاءات التي تجعله في مصاف الدول بما لديه من ثروات طبيعية وبشرية وموقع استراتيجي وإرث حضاري عظيم. مما ليس بمستغرب أن الحشد الشعبي الذي رُسم له بأن يكون «سوبر هيرو» العراق في تخليصه من الإرهاب الداعشي، وقف اليوم يتوعد المحتجين العراقيين بالتصفية إذا ما استمروا بمطالباتهم برحيل النظام السياسي وحل البرلمان ورئاسة الدولة وتشكيل حكومة ائتلاف مبنية على الكفاءات الوطنية المخلصة بعيدًا عن المحاصصة التي لم تنجب سوى الفساد والفقر والتخلف حتى غدا العراق يتصدر أسوأ التصنيفات العالمية في مختلف المجالات وقس على ذلك ما حصل في لبنان من قبل «حزب الله» تجاه المحتجين اللبنانيين فكلاهما خانعان لما يمليه النظام الإيراني من طهران.

مشاركة :