الخصاونة يكتب: إنفلات الجامعات الخاصة يؤذي سمعة التعليم

  • 7/6/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

سيطرت قرارات وزارتي التعليم في كل من الدولتين الشقيقتين الكويت وقطر بخصوص تعليق اعتماد معظم الجامعات الأردنية للدراسة من قبل طلاب الدولتين على المجتمع الأكاديمي في الجامعات الأردنية العامة والخاصة، كما أن هذه القرارات أصبحت محط اهتمام من جهات متعددة مثل الشركات الاستثمارية التي تمتلك الجامعات الخاصة ،وكذلك من قبل جهات كثيرة أخرى لها علاقة بالانعكاسات الاقتصادية ومداخيل بعض الجامعات والقطاعات الاقتصادية من دراسة الطلبة الخليجيين في مؤسسات التعليم العالي الأردنية. وقد جاءت تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي ملفتة للمراقبين حيث أن الوزير يؤكد بأنه كان متوقعا لهذه القرارات، ومتفهما لها على اعتبار أن مخرجات الجامعات التي تم تعليق اعتمادها ربما أنها ليست بالمستوى المتوقع، ونحن هنا نقول كيف للوزير أن يدلي بهكذا تصريحات في الوقت الذي كان من المفروض أن يفعل شيئا أو أن يتخذ إجراءات وقائية تحول دون وصولنا لهذه المرحلة التي بالتأكيد تسببت بكثير من الأذى لسمعة جامعاتنا ومستوى التعليم العالي في الأردن والذي طالما تغنينا به وكان مبعث فخرنا واعتزازنا! لا أعلم كيف يختزل وزير التعليم العالي وهو الاستاذ والتريوي والخبير المعروف أسباب تراجع جودة التعليم العالي التي دفعت بالإخوة الكويتين والقطريين لاتخاذ قراراتهم في التدريس خارج الحرم الجامعي!كيف يمكن لوزير التعليم العالي أن يلقي باللائمة على التدريس في مكاتب الإرتباط للجامعات وكأنها هي التي تسببت بالتراجع في جودة التعليم ومخرجات الجامعات؟ وفي الوقت الذي ربما أسهم اقتصارالتدريس في عطلة الإسبوع أو ما اصطلح عليه "تدريس الويكند" في رخاوة معايير التعليم الجامعي، فإننا نعتقد بأن المشاكل الحقيقية للتعليم العالي التي أوصلتنا لهذه الحالة بعيدة كل البعد عن ما تداوله النشطاء والمراقبين والمسؤولين في التعليم العالي.ولعلنا نلخص أهم هذه المشكلات بما يلي:1- ضعف الإمكانات المالية للجامعات الأردنية الرسمية وتراجع الدعم الحكومي لها مما جعلها تعيش في أزمات مالية متعاقبة أضعفت من قدرتها على تطوير بنياتها التحتية والابتعاث والاحتفاظ بكوادرها الأكاديمية المتميزة(ٌRetention of outstanding Faculty Members) إلى جانب عدم قدرة الجامعات الرسمية على التحكم بمقدار الرسوم الدراسية ،وأعداد الطلبة الذين يمكن استيعابهم.أمام هذا الوضع المالي المتأزم أصبحت مهمة رئيس الجامعة تركز بشكل أساسي على تأمين الموارد المالية بدلا من الانشغال في التطوير والتحديث والتركيز على جودة المخرجات.ولمواجهة الأزمة المالية بدأت الجامعات ببرامج الموازي واستقطاب الطلبة العرب والخضوع لرغباتهم ،وتصميم برامج خاصة لهم، وعدم التشدد بالمعايير الأكاديمية مما أوصلنا لما نحن فيه من عدم امتلاك الخريجين من رعايا الدول العربية للحدود الدنيا من المعارف والمهارات في تخصصاتهم.2- تكاد قضية "طلاب جسيم" أن تتسبب بإفلاس بعض جامعاتنا الرسمية حيث أن هؤلاء الطلبة ممن يتمتعون بفئة جسيم (أولياء أمورهم ممن خدموا في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية حصلوا على تقارير طبية تتعلق بإصابتهم أثناء العمل) لا يدفعون فلسا واحد للجامعات التي يدرسون فيها.وفي الوقت الذي نعتقد بأن هذه الفئة ينبغي أن تكرم وتدرس مجانا في الجامعات ،فإنه ينبغي على الدولة أن تتحمل تكاليف دراستهم.إحدى جامعات الشمال تحملت مبلغ( 27) مليون دينار خلال السنوات السبع الماضية بسبب طلبة جسيم والجامعة بالكاد تتمكن من الاقتراض من البنوك لدفع رواتب الأساتذة والعاملين فيها!فكيف يمكن لإدارات الجامعات أن تحافظ على الجودة في الوقت الذي لا تستطيع أن تدفع تكاليف المختبرات والأساتذة والمؤتمرات؟3- الانفلات الكبير في الجامعات الخاصة وخضوع التعليم والتوظيف والإدارة في هذه الجامعات لأسس تجارية بحته.وأعتقد بأن أبرز أسباب قرارات سحب الاعتماد من بعض الجامعات الاردنية يعود لبعض الجامعات الخاصة التي راج في الآونة الأخيرة ما لوحظ عن تركيزها على مبدأ "ادفع رسمك وانجح فصلك".معظم إن لم يكن جميع الجامعات المشمولة في قرارات قطر والكويت بإلغاء الإعتماد هي الجامعات الخاصة واربع جامعات حكومية.الجامعات الخاصة هي في حقيقة الأمر شركات استثمارية ومن يعود لأسمائها المسجلة في وزارة الصناعة والتجارة ولدى مراقب الشركات يجدها عبارة عن فروع لشركات ولا تعدوا كونها أحد خطوط الآنتاج للشركات المنبثقة عنها. فرئيس الجامعة فيها ليس رئيس جامعة حقيقي، والرئيس الحقيقي هو أكبر المساهمين أو الملاكين ،وهيئة المديرين أقوى بكثير من مجلسي الأمناء والعمداء،ويتم تعيين كثير من المدرسين من خريجي جامعات شروط الدراسة فيها سهلة ،لا بل رخوة جدا ،فلا غرابة أن تكون مخرجاتها متواضعة.وأذكر هنا بأن الجامعات الخاصة تستقطب أعداد كبيرة من الطلبة الخليجيين ويتم تصميم البرامج بما يحقق رغبة الطلبة ،كما أن بعض إن لم يكن كثير من المدرسين يتساهلون مع الطلبة ويمنحوهم التقديرات العالية ومراتب الشرف العليا!هذه أبرز القضايا التي على وزارة التعليم العالي ووزيرها المبجل أن يتعامل معها لرفع جودة التعليم.حرصنا على جودة التعليم العالي ليس من أجل الإخوة في الكويت أو قطر أو السعودية وإنما من أجل أبنائنا وبناتنا ومن أجل خريجي جامعاتنا الذين يبحثون عن فرص عمل في خارج سوق العمل الأردني.عدد الطلبة الكويتيين والقطريين والخليجيين في الجامعات الأردنية محدود وهو أقل من أعداد الطلبة الماليزيين والاندونيسيين ،وينبغي أن لا نعيد هندسة جامعاتنا فقط من أجل استقطاب طلبة الخليج وانما من أجل الأردنيين الذين استثمروا ودفعوا من ضرائبهم لتأسيس هذه الجامعات. مجالس الأمناء في الجامعات الرسمية ينبغي أن تمنح مزيدا من الاستقلال، وينبغي أن تحرص الحكومة على حشد وانتقاء أفضل الكفاءات والشخوص الذين يمتلكون بعد النظر والإمكانات الذهنية والسلوكية والفكرية لتوجية التعليم في هذه الجامعات.إن أرادت وزارة التعليم العالي النهوض بالتعليم العالي ورفع مخرجاته فعليها التوقف عن التعامل سياسيا مع الجامعات من خلال الضغط على الجامعات بتعيين الأساتذة الأردنيين لمجرد أنهم أردنيين ،وليس لكفاءاتهم وقدراتهم. ومع إيماننا بحق المتعطلين عن العمل من حملة الدكتورة فإننا لا نعتقد أن الجامعات ينبغي عليها استيعابهم جميعا دون النظر للجامعات التي تخرجوا منها، والتخصصات وشروط الدراسة السهلة التي خضعوا لها.الدارسين بالانتساب أو الدراسة عن بعد دون حضور محاضرات ومقررات نظامية ينبغي أن نكون متحفظين جدا في تعيينهم في الجامعات، ويمكن للدولة أن تعينهم بمواقع قيادية في الوزارات والدوائر الحكومية إن شاءت.يكفينا مجاملة وتقلب في مواقفنا من التعليم العالي والجامعات ،فجامعاتنا الرسمية ما زالت بخير مع اعترافنا بأنها تواجه مشاكل وتحديات خطيرة إن لم تقم الدولة بمعالجتها ووضع التعليم العالي ضمن أولويات الحكومة فإنه سيأتي اليوم التي تصبح جامعاتنا مثل بعض الجامعات التي لا أذكر اسمائها حتى لا نصبح موضع مقاضاه في المحاكم فهل من مدكر!

مشاركة :