تترقب البورصة السعودية وأسواق المنطقة اليوم انطلاق التداول بسهم شركة أرامكو، لمعرفة تحركاته الأولية، التي يمكن أن تحدد الكثير من الخطط المستقبلية لأكبر شركة في العالم. ويضع انطلاق تداول السهم وخضوع سعره للعرض والطلب اللمسة الأخيرة على أضخم طرح أولي على الإطلاق، والذي جمعت الرياض من خلاله 25.6 مليار دولار من الأفراد والمؤسسات. ولم يستبعد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أحمد الخليفي حدوث ضغط على السيولة نتيجة طرح أسهم أرامكو لكنه قال إن البنك المركزي مستعد للتدخل وأنه يتابع البنوك المحلية عن كثب، بعد طلب قوي على القروض لشراء الأسهم. وتشير البيانات النهائية الصادرة عن البنوك التي أشرفت على الطرح الأولي إلى أن طلبات الاكتتاب في شريحة المؤسسات فاقت الأسهم المعروضة بنحو 6.2 مرات، بينما طلب أكثر من 5 ملايين فرد الاكتتاب في شريحة الأفراد. ويعد الطرح الأولي لأرامكو حجر الزاوية في خطط ولي العهد السعودي لتنويع موارد الاقتصاد بدلا من الاعتماد على النفط، ومن المقرر أن يستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي الأموال في تعزيز النمو في قطاعات أخرى. وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان أمس إن إعادة استثمار أموال الطرح العام الأولي سيساهم في خلق المزيد من الإيرادات للحكومة. وتوقع مازن السديري، رئيس الأبحاث في شركة الراجحي المالية أن يجذب إدراج أرامكو سيولة أجنبية تتراوح بين 1.4 إلى 2.4 مليار دولار، بالتزامن مع ضم الشركة إلى مؤشرات الأسواق الناشئة. ومن المقرر أن ينضم سهم أرامكو إلى مؤشرات “فوتسي راسل” بعد 5 أيام تداول، فيما سينضم إلى مؤشر مورغن ستانلي أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة في 16 ديسمبر الجاري. ويرى بعض الخبراء أن إدراج الشركة قد يؤثر سلبا، ولو بشكل طفيف، على بعض أسواق المنطقة نتيجة خفض الصناديق الأجنبية لوزن هذه البورصات لصالح السوق السعودية. وقال السديري إن “وزن الشركة سيكون بحدود 9.7 بالمئة في مؤشر البورصة السعودية، و0.5 إلى 0.6 بالمئة في مؤشر مورغن ستانلي” للأسواق الناشئة. وأضاف أن أسواق المنطقة لن تتأثر كثيرا بالإدراج وأن المستثمرين الكبار في أسواق المنطقة طويلي الأجل، لن يحدثوا تغيّرا كبيرا في تحويل استثماراتهم من أسواق المنطقة إلى السعودية. وأكد خبير أسواق المال محمد الشميمري أن إدراج وبدء تداول سهم أرامكو حدث تاريخي للبورصة المحلية وأسواق المنطقة. وقال إن الكثير من الصناديق تستهدف أن يكون السهم ضمن محفظتها الاستثمارية كشركة قوية لديها مخزون نفطي يكفي لأكثر من 54 سنة قادمة، ولديها محفزات حالية ومستقبلية. وقالت سامبا كابيتال أحد البنوك المشرفة على الطرح العام الأولي إنه تم تخصيص 23.1 بالمئة من شريحة المؤسسات في الطرح العام الأولي لعملاق النفط لمستثمرين غير سعوديين. وأضافت في بيان أنه تم تخصيص 13.2 بالمئة من شريحة المؤسسات لمؤسسات حكومية سعودية. وكانت النسبة المئوية الأكبر من التخصيص من نصيب الشركات السعودية، والتي بلغت 37.5 بالمئة. وقالت إن القيمة النهائية لتغطية شريحة المؤسسات في الاكتتاب إجمالا بلغت نحو 106 مليارات دولار. وتكمن العلامة الفارقة إدراج أرامكو في أن جوهرة التاج في الاقتصاد السعودية ستكون اعتبارا من اليوم مطالبة بالإفصاح عن كل قراراتها في البورصة وفق أعلى معايير الشفافية، التي تسمح للمستثمرين بمراقبة أدائها والتأثير على إدارتها. ويعني ذلك أن الاقتصاد السعودي بمجمله دخل في مرحلة لا رجعة عنها في طريق الإصلاحات، وأنها غادرت منطقة القرارات الاقتصادية الحكومية، ذات الصلاحيات المطلقة التي أصبحت تؤثر على قيمة أكبر أصولها المالية.
مشاركة :