تحاول حركة النهضة التونسية استجداء الأحزاب التونسية للخروج من مأزق تشكيل الحكومة، أمام صعوبات يجدها رئيس الحكومة المكلف حبيب الجملي في إقناع الأحزاب في دخول ائتلاف حكومي يسمح له بضمان أغلبية مريحة، وإعلان شارة البداية لأعمال الحكومة الجديدة. وأعرب رئيس مجلس شورى حركة النهضة (54 نائبًا من أصل 217)، عبد الكريم الهاروني، عن أمله بإقناع “القوى المحسوبة على الثورة” للمشاركة في حكومة الجملي المكلف بتشكيلها منذ منتصف نوفمبر الماضي. وازدادت مشاورات تشكيل الحكومة صعوبة منذ إعلان كل من حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وهما حزبان رئيسيّان في تونس، الأسبوع الماضي، أنهما لن يشاركا في حكومة رئيس الوزراء المكلف الحبيب الجملي بسبب خلافات حول حقائب وزارية، في خطوة قد تقود إلى ائتلاف حكومي هش وقد تلقي بالبلاد في أتون أزمة سياسية. والحزبان شكلا ائتلافا في المعارضة إلى جانب عدد من المستقلين يضم 41 نائبا في البرلمان ما يجعله الكتلة الثانية بعد كتلة حزب حركة النهضة الفائزة بـ54 مقعدا وقبل حزب “قلب تونس” الليبرالي الثالث بـ38 مقعدا وإضافة إلى خشيتها من دخول تحالف حكومي مع النهضة استنادا لتجارب النهضة الفائتة في الحكم، والتي يراها طيف سياسي وشعبي أنها كانت فاشلة وعمقت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، تتهمها الأحزاب المحسوبة على الثورة بالمناورة من خلال رفض التحالف مع حزب قلب تونس علنا في ما تتفاوض معه سرا. وكان تحالف النهضة مع قلب تونس قد قاد زعيم الحركة راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان، ما مهد لمفاوضات بينهما في المشاورات الحكومية. ويتهم حزبا التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي- 22 نائبًا) وحركة الشعب (قومي ناصري 15 نائبًا) “النهضة” بالرغبة بتشكيل حكومة مع حزب قلب تونس (ليبرالي- 38 نائبًا)، الذي أعلنت الحركة رفضها التحالف معه قبل الانتخابات البرلمانية، في أكتوبر الماضي. وقال الهاروني، في مقابلة صحافية “نحن كحزب سعينا لتوسيع المشاركة لتكون الحكومة معبرة عن الخط الثوري، وتجعل من محاربة الفساد أولوية لها””. وأضاف “ولا زلنا غير يائسين من الوصول إلى أرضية مشتركة، ولنا أمل في إقناع هذه القوى المحسوبة على الثورة بالمشاركة في الحكم؛ فالمشاركة في الحكم أفضل للثورة وأفضل للحرب على الفساد من البقاء في المعارضة”. تزداد المشاورات صعوبة مع إعلان حزب قلب تونس وأحزاب أخرى معارضة قريبة منه، عن تكوين كتلة ائتلافية في البرلمان إلا أنه أعرب عن أسفه من أن “التفاعل (من جانب تلك القوى) لم يكن في المستوى المطلوب لتقدم المشاورات”. وأقر الهاروني بأن “تشكيل الحكومة مهمة صعبة في ظل القانون الانتخابي الذي لا يعطي لحزب واحد إمكانية تكوين الحكومة، وفي ضوء تشتت البرلمان، وتتطلب (العملية) وقتًا وفيه آجال دستورية.. هناك شهر يمكن تجديده بشهر ثانٍ”. وشارفت المهلة الأولى المحددة بشهر لتشكيل الحكومة الجديدة في تونس على الانتهاء، بينما لم يتوصل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بعد إلى تحديد الأحزاب والوزراء الذين سينضمون إلى الائتلاف. والجملي الذي يقدم نفسه مستقلا عن الأحزاب رشحته حركة النهضة الإسلامية الفائزة بالانتخابات التشريعية لتشكيل الحكومة، وقد كلفه الرئيس قيس سعيد لبدء مشاوراته بحسب الدستور منذ 15 نوفمبر الماضي. وتنتهي المهلة الأولى السبت المقبل، وللجملي أن يمددها بشهر آخر كما يسمح بذلك الدستور، إذا لم يتوصل حتى ذلك الوقت إلى إعلان حكومته. وتواجه المشاورات تعقيدات إذ إن نتائج الانتخابات لم تفرز أغلبية صريحة للنهضة (52 مقعدا) أمام منافسه الليبرالي قلب تونس (38 مقعدا) كما تفتقد العلاقات بين باقي الأحزاب التجانس السياسي. وقال القيادي في حركة النهضة، سامي الطريقي في تصريح لإذاعة “شمس أف.أم” المحلية، الخميس، بأن هناك صعوبات في تشكيل الحكومة. وأضاف الطريقي “أن يكون رئيس الحكومة المكلف شخصية مستقلة فهذا لا يمنع حركة النهضة من بذل مجهود لخلق حزام سياسي”. وأوضح القيادي “بأن حركة النهضة قد تمضي في تشكيل حكومة أقلية في صورة عدم وجود حزام سياسي قوي لتشكيلها”. وتحتاج الحكومة إلى مصادقة الأغلبية المطلقة (50 زائد واحد) لنيل ثقة البرلمان وحتى الآن فإن “حزب الكرامة” المحافظ يعتبر أكثر الأحزاب المرشحة للانضمام إلى ائتلاف تقوده حركة النهضة لكن هذا لا يضمن الأغلبية. وتزداد المشاورات صعوبة مع إعلان حزب قلب تونس وأحزاب أخرى معارضة قريبة منه، عن تكوين كتلة ائتلافية في البرلمان مرشحة لأن تكون الأولى قبل الحزب الحاصل على الأغلبية بأكثر من 60 نائبا. من جهته، لم يحسم رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية، يوسف الشاهد ما إذا كان حزبه “تحيا تونس” سينضم إلى الائتلاف أم لا. وكانت النهضة تلقت ضربة قوية قبل قيادتها الحكومة الجديدة فعليا، إثر فشلها في تمرير مقترح “صندوق للزكاة” ضمن قانون المالية لعام 2020 لعدم تحصلها على الأغلبية.
مشاركة :