من غيَّب قضيتنا الكبرى؟ | محسن علي السُّهيمي

  • 5/20/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

تفتحت أعين الأجيال العربية المتعاقبة خلال العقود الستة المنصرمة على (القضية الفلسطينية) التي شبَّت معهم، وظلَّت همَّهم الأول وقضيتهم الكبرى. تعود بي الذاكرة للوراء (33) سنة وتحديدًا في فناء مدرستنا الحجرية حينما زفَّ إليَّ أحد الزملاء خبر (تحرير فلسطين)، فلم تكد الفرحة تسعني وأنا الذي لم أبرح الصف الأول المتوسط حينما سمعت ذلك الخبر السعيد. موضع الشاهد هو حجم الاهتمام -وقتها- لدى القادة العرب وشعوبهم بالقضية الفلسطينية من خلال مقرراتهم الدراسية ووسائل إعلامهم على تواضعها، والشاهد (الأهم) هو حجم هذا الهمِّ الذي حملْتُهُ وأترابي عن القضية الفلسطينية ونحن صغار في بيئة كانت تفتقد لأبسط وسائل المعرفة والاتصال، ومع هذا شكَّلت لنا (قضية فلسطين) همًّا لازَمَنَا. غير أن الفرحة لم تدم طويلاً حينما عاد الزميل -الذي يكبرني سنًّا وتعليمًا- وقال لي إن التي تحررت هي (سيناء). ويبدو أنه سمع الخبر من معلمِينا (الفلسطينيين) الذين لا أظنهم إلا كانوا -وقتها- يتحدثون عن استعادة مصر لسيناء (كاملة) سنة (1982م) بناء على اتفاقية (كامب ديفيد) سنة (1979م) بين مصر وإسرائيل. ولأن الهموم لا تأتي فرادى فقد دخل -منذ ثلاثة عقود- على خط الهمِّ العربي الأول همٌّ آخرُ تمثل في قيام الثورة (الخمينية) وسعيها للتمدد تحت غطاء (دِيني) لتحقيق أطماعها في عودة الإمبراطورية الفارسية؛ كرهًا في العرب وطمعًا في مقدساتهم الإسلامية، وهذا ما يؤكده (تييرِّي كوفيل) في كتابه (إيران.. الثورة الخفية) حين قال: «هناك كره للعرب ملحوظ جدًّا في إيران، عائد جزئيًّا إلى عصور الكفاح ضد الشعب المحتل وكذلك إلى تمجيد الماضي ما قبل الإسلامي لإيران». قيام الثورة الخمينية شكَّل نقطة تحوُّل في مسار الاهتمام العربي بقضيتهم الكبرى، فبعد أن كان الهم العربي واحدًا والعدو ظاهرًا جاءت الثورة الخمينية لتشق الصف العربي، فتشتَّتَتِ الآراء بين مؤيد لها ومعارض، ومتبنٍّ ونابذ. هذا بدوره غيَّب كثيرًا الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية في ظل الاشتغال بالفتنة الخمينية ممثلة في زرعها حزب الله في لبنان، وتحكُّمها بمفاصل القرار السياسي في العراق وسوريا، واستمرارها في احتلال الجزر الإماراتية، وأخيرًا تسليحها ودعمها المليشيات الحوثية في اليمن. لا ننسى في غمرة الهم الإيراني -الذي غيَّب قضيتنا الكبرى- همًّا آخرَ ساهم في عملية التغييب تمثَّل في النزاعات العربية الداخلية وفي النزاعات العربية العربية وهذه جميعها تغذيها باستمرار بعض الحكومات الغربية وعلى رأسها أمريكا من أجل صرف الحكومات والشعوب العربية عن قضيتهم الكبرى، وقد نجحت في ذلك. ويبدو -على رأي الدكتور نبيل الحيدري في لقاء الجمعة- أن هناك تآزرًا خفيًّا بين (إسرائيل وإيران) من أجل إحياء إمبراطوريتَي (الروم وفارس) وإخضاع العرب لهيمنتهما.. ولكِ الله يا فلسطين. Mashr-26@hotmail.com Mashr-26@hotmail.com

مشاركة :