د. نجلاء نبيل تكتب: القضاء العادل عند قدماء المصريين

  • 12/25/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هناك بقايا لأكبر محكمة في التاريخ وهي تقع في منقطة "الهمامية" بمركز "البداري" أقصى جنوب محافظة أسيوط حيث وضح المؤرخون أنها ترجع إلى النصف الأول من عصر الأسرة الخامسة أو إنها ربما تعود إلى عصر الأسرة الرابعة.ولقد سرد لنا المؤرخون أن مصر عرفت في عهد الأسرة الخامسة ست محاكم وكان يطلق عليها حينها "المساكن المبجلة". وكان القائم على العمل في هذه المساكن المبجلة وزيرا وكان يعمل معهم جهاز مكون من صغار الموظفين يضم أمناء السر وكتاب لهذه المحكمة والمحضرين. وكانت أسماء الوظائف في هذه الفترة للعاملين بالمساكن المبجلة المحاكم حاليا “أمين سر الكلمات السرية ” و “أمين سر الأحكام القضائية”.واعتمد النظام القضائي في مصر على الاستقلالية فلكل مدينة محكمتها الخاصة بها وتتكون المحكمة من ممثلين لها من ساكني المدينة. تميز القضاء قديمًا بعدة سمات أبرزها المجانية حيث كانت توفره الدولة دون مقابل وعدم الطبقية فكان جميع المصريين أمام القانون سواء وكان الملك هو صاحب السلطة القضائية العليا لذا كانت الأحكام تصدر باسمه.لم يعرف القضاء قديمًا مبدأ المرافعات شفويا لذا كانت جميع إجراءات التقاضي يتم إنجازها كتابية في ظل غياب المحامي . وكان كل خصم يتولى الدفاع عن نفسه.و سرد لنا التاريخ أن مصر القديمة عرفت المحاكم العسكرية وكانت تختص بمحاكمة العسكريين الذين يعملون في خدمة الجيش سواء كان القضية متعلقة بأمور الجيش أو متعلقا بحياة العسكرين الشخصية . وقد وضحت البرديات أن محكمة عسكرية كانت قد نظرت قضية بين عسكري ومدني حول ملكية منزل . وكان قرار المساكن المبجلة "المحكمة" الآن قد قضت لصالح المدني الذي يعكس بوضوح تام عدم التحيز ومدي تقديس المصريين القدماء لقيمة العدالة.وكان أيضا قدماء المصريين يقدسون الحياة و الموت ويؤمنون بالآخرة وأعدوا لها ساحات على هيئة قاعة محاكمة تسمى باسم قاعة التحقيق ويوجد بها أوزوريس جالسًا على العرش وخلفه شقيقتاه إيزيس ونفيتس . وأيضا هناك أربعة عشر نائبًا يتواجدون حولهم وفي وسط الساحة يوجد ميزان كبير ووحش لحمايته كما يوجد في القاعة أيضًا تحوت وأنوبيس وباقي ممثلين الإله.ثم يسمحون للميت أن يدافع عن نفسه ستة وثلاثون مرة لأنه يخشى ألا يصدقوه ويظنوا أنه كاذب فيعيد إقراره الدال على براءته متوجهًا نحو اثنين وأربعون من ممثلي الإله .ثم يوضع قلب المتوفي في كفة الميزان وفي الكفة الأخرى يوضع تمثال صغير لممثل الإله "ماعت" وإذا أثبت أن هذا الرجل بريئًا كان له الحق في الحياة و السعادة في العالم الآخر . وأما إذا كان المتوفى مخطئًا فإنه يتم تدميره بواسطة ذلك الوحش وهو عبارة عن وحش خرافي مزيج من التمساح وأسد وفرس البحر ولذلك كان الاحياء يخافون أن يفعلوا أي شئ يجعلهم مذنبون تحسبًا لهذه الوقفة .وكان جدنا الحكيم المصري ..سنب حوتب يقول: ايها القاضي لا تجلس امام الميزان لتحكم بين الناس الا وكنت سليم القلب مطمئن النفس صحيح الجسد مستريح الضمير.ايها القاضي اذا جلست علي منصة الحق ضع ميزان العدل امامك والق ظلال الظلم خلف ظهرك . لاتمد يدك لتغير حركة كفتي الميزان بغير حق فعين "ماعت" تراقبك فمثقال الظلم الذي ستضعه بغير حق في كفة الميزان سيحملها "تحوت" يضعها في ميزان حسابك في محكمة الاخرة. مصر أصل الحضارة ..اللهم احفظ مصر وأهلها وجيشها العظيم وشرطتها الباسلة وجميع مؤسساتها بقواها الصلبة والناعمة.

مشاركة :