أَغْلَب المُبدعين والأُدبَاء كَانت بدَاياتهم مَريرة وشَائِكة، سَواء في تَنمية المَوهبة، أو في المَسيرة، وتَذكُر الكُتب لَنَا أنَّ أكثَر المُبدعين؛ بَدؤوا مِن خِلال بوّابة الفَشل أو التَّحطيم، ولَعلَّ أقوَى الأمثِلَة فِي هَذا المَقام؛ عَالِم اللُّغة الشَّهير الأعجَمي «سيبويه»، الذي أَخْطَأ مَرَّة في قَوَاعد النَّحو، فضَحك مِنه رِفَاقه، فأقسَم بالله أنْ يَتعلّم النّحو، ويَتفوّق فِيهِ، وهَذا مَا حَصَل، حَيثُ أصبَح أشهَر إمَام في اللُّغة، وألّف كِتَابه الشّهير «الكِتَاب»..! ويَذكر الأديب «أنيس منصور» في كِتَابه: «مَعنَى الكَلام» أنَّ (أَحَد النُّقّاد أَرْسَل نَقداً عَنيفاً للأديب «بول كلوول»، ثُمَّ سَأله عَن رَأيه بَعد ذَلك، فكَتَب يَقول لَه: إنَّ مَقَالك أَمَامي الآن، وسَوف يَكون وَرائي بَعد لَحظَات)..! أكثَر مِن ذَلك، تَذكُر الكُتب قصّة أُخْرَى، وهي أنَّ (المُوسيقَار «محمد عبدالوهاب» غَضَب ذَاتَ مَرَّة مِن النَّقد؛ الذي انهَمر عَليه، حتَّى جَاءته نَصيحة أَمير الشُّعرَاء «أحمد شوقي»، التي يَقول فِيها: «هَات الصُّحف التي هَاجمتك، وضَعها تَحت قَدميك، سَوف تَرتفع عِدّة سَنتيمترات»)..! وفي تَاريخ الرِّجَال، تَبرز فَلسفة «غَاندي»؛ حَول إعَادة تَدوير النَّقد، وتَحويله إلَى طَاقَة إيجَابيّة بَنّاءة، وفي ذَلك يَقول «غَاندي» في إحدَى مَواعظه: (رَمَاني النَّاس بالحجَارة فجَمعتُها، وبَنيتُ مِنها بَيتاً)..! وفي سِيرة الصَّحافة يَبدو أنَّ الأخوين التَّوأم «مصطفى أمين وعلي أمين»؛ استَعَانَا بفَلسفة «غَاندي»، حَيثُ يُروَى أنَّهما لَمّا أسَّسا مُؤسّسة «أخبَار اليَوم»؛ تَعرَّضت لهجُومٍ شَديد، فقَال الأخوَان: (إنَّ الطّوب الذي أُلْقِيَ عَلى «أخبَار اليَوم»، كُنَّا نَجمعه ليَرتفع بِنَاء هَذه المُؤسّسة الصَّحفيّة)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أُوصي كُلّ طَالبي المَجْد، وقَاصِدي النَّجَاح، بأنْ لَا يَيأسوا، ولَا يَستمعوا إلَى نَغمات المُرجفين والمُحبِطين، أُولَئِكَ الذين يُريدون مِن الآخَرين؛ أنْ يَبقوا بجوَارهم، ولَنَا في حِكمة العَالِم الكَبير «أحمد زويل» عِبْرَة ومَوعِظَة، حَيثُ يَقول: (الغَرب يدعمون الفَاشِل حتَّى يَنْجَح، أمَّا العَرَب فيقمعون النَّاجِح حتَّى يَفْشَل)..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :