يصر ابني عبدالعزيز البالغ من العمر أربع سنوات ونصف على أن يرافقني إلى المسجد لصلاة الجمعة رغم كل محاولات إثنائه حتى لا يشغلني أثناء الاستماع للخطبة، لكنه يقدم جميع التعهدات بالالتزام بالهدوء للحصول على إذن الذهاب! في المسجد، يجلس هادئا كما وعد يتأمل أعمدة وقبة المسجد ويجول بنظره بين صفوف المصلين، وأكاد أشعر بإحساسه وتفكيره، فهو ينقلني إلى سنوات بعيدة في أعماق طفولتي عندما كنت أصر على مرافقة والدي ــ رحمه الله ــ إلى المسجد لحضور خطبة وصلاة الجمعة، كانت لحظات ساحرة يستشعر فيها الطفل لحظات الإيمان النقي الذي لم تلوثه الدنيا بمعاصيها بعد! كان المكان بالنسبة لي مقدسا، فهو بيت الله ودار عبادته وملتقى مشاعر المؤمنين به، لم أشعر فيه يوما سوى بالأمان والرحمة، وهو شعور نما معي حتى اشتد عودي، وعندما بدأت أعي الأخبار التي تحمل أنباء تفجير وقتل المصلين في بعض مساجد المسلمين في باكستان وغيرها أصبت بصدمة عظيمة، فمن ذا الذي يفكر بقتل المصلين في دار العبادة؟! حيدر، الطفل السعودي الذي لم يتجاوز من العمر خمس سنوات ذهب إلى مسجد قريته ليحضر صلاة الجمعة، لكنه لم يرجع من المسجد، لقد اختبر صدمة تفجير وقتل المصلين في دار العبادة مبكرا، واختطفه الموت عند عتبات الحياة الأولى! لن يعرف حيدر من قتله ولا لماذا قتله.. ولن تشغل تفكيره حيرة السؤال: كيف يمكن لمجاهد يطلب الشهادة أن يطرق أبواب الجنة منتحرا عند باب مسجد؟! شاء الله تعالى أن يكون حيدر طيرا من طيور الجنة، وترك الدنيا لغربان الموت والكراهية!. jehat5@yahoo.com
مشاركة :