يشكل تدعيم عملية اتخاذ القرار أحد الأسباب الأكثر إلحاحا للاستثمار في البيانات. لكن غالبا ما يوجه الاستثمار في البيانات نحو الوفاء باحتياجات القادة الذين يتخذون القرارات، ولا سيما على المستوى الوطني. ويمكن أن يعزز ذلك تبني نهج إنمائي مصمم من أعلى إلى أسفل. في كينيا، يعمل المعهد المفتوح ــ بمساندة من البنك الدولي ــ مع مختلف الحكومات دون الوطنية على وضع الأسس اللازمة لاستخدام البيانات بشكل متسق ومتناسق لتدعيم العمليات التشاركية على المستويات المحلية. وتتمثل الفرضية هنا في أن المبادرات الإنمائية العالمية مثل أهداف التنمية المستدامة لا تتحقق على أفضل وجه من خلال اعتماد نهج مصمم من أعلى إلى أسفل، بل بالبدء على مستوى القرى. ويمكن أن تنتقل المبادرات بعد ذلك إلى المستويات الوطنية والعالمية. وببساطة، لقد توصلنا إلى أن جهود التنمية الناجحة هي التي يكون للمواطنين فيها دور محوري إلى جانب إشراك أصحاب المصلحة المحليين الآخرين. ولمساندة جهود التنمية على المستوى دون الوطني، بدأ المعهد المفتوح في جمع بيانات إدارية من كل أسرة معيشية في منطقة لانيت أوموجا "مجموعة من القرى" ثم تبادل هذه البيانات مع المواطنين. وأدى ذلك إلى زيادة الوعي بالبيانات فيما بين المواطنين. وأدى أيضا إلى ارتفاع مستوى المشاركة بين المواطنين والحكومة، وهو ما نتج عنه اتخاذ إجراءات عملية مثل إقامة إحدى المنشآت الصحية. ويشير العمل الذي نفذ حتى الآن إلى أن توافر بيانات مصنفة وذات صلة بالسياق المحلي، وإطلاع المواطنين على البيانات، وإشراك إحدى الحكومات دون الوطنية هي أمور تصب جميعا في صالح تدعيم فاعلية الحكومة من خلال آليات مثل المشاركة في إعداد الموازنة، والشفافية في المشتريات العامة، والمساءلة في تقديم الخدمات. أعربت المقاطعات في كينيا عن وجود حاجة إلى توفير بيانات إدارية جيدة يمكن استخدامها مع الإحصاءات الوطنية. وتم توجيه عمل المعهد المفتوح على مستوى المقاطعات نحو بناء منظومة للبيانات يمكن أن تستخدمها المقاطعات لتحسين عملية اتخاذ القرار بمشاركة المواطنين. وجرى تنظيم العمل أيضا بحيث يستهدف إيجاد سبل تمكن المقاطعات من تجميع البيانات من المصادر المختلفة وتحليلها بطرق تدعم تقديم الخدمات. وتشمل البيانات التي تستخدمها المقاطعات الإحصاءات الوطنية، والبيانات الجغرافية المكانية والمتعلقة بالطقس، والبيانات الإدارية للأسر المعيشية، والبيانات المتعلقة بالمشاريع الخاصة بالمقاطعات "سير العمل والجداول الزمنية والتمويل". يقع مكتب بيانات المقاطعة في صميم منظومة البيانات، وهو في الأساس عبارة عن منصة مركزية تعتمد على الوسائل الإلكترونية وغير الإلكترونية لجمع البيانات ومقارنتها وتحليلها ونشرها من مصادر متعددة بطريقة تعود بالنفع على الحكومة والمواطنين على حد سواء. وعلى سبيل المثال، تستخدم مقاطعة كيليفي مكتب البيانات الخاص بها لنشر جميع بيانات المشاريع المحلية ــ بما في ذلك أوضاع المشاريع ــ بطرق تدعو المواطنين إلى تقديم ملاحظاتهم التقييمية. وبالنسبة لعديد من المقاطعات، هناك حاجة كبيرة أيضا إلى اجتذاب المستثمرين لتنمية الاقتصاد وتوفير فرص العمل. وتستخدم مقاطعات، مثل إلجيو ماراكويت، مكتب البيانات لتحليل المعلومات بشكل مفصل للمستثمرين في قطاع الصناعات الغذائية مثل تحديد عدد أشجار المانجو والأفوكادو، وأنماط الطقس على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وعدد الشباب المؤهلين المتاحين للعمل في هذا القطاع... يتبع.
مشاركة :