العمق رقي والسطحية إسفاف | محمد أحمد مشاط

  • 10/27/2013
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ينطلق "لانغدون" أستاذ الرموز في جامعة هارفارد مع مرافقته الطبيبة مختبئاً عبر المنعطفات والسراديب والأزقة الخلفية. هارباً من المؤسسة العالمية التي تطارده لتقتله، ولتحصل على جهاز هام، لا يتذكر هو كيف حصل عليه. تتلاحق الأحداث بسحر وجاذبية فاتنة في رواية "الجحيم" للروائي الأمريكي "دان براون" الصادرة هذا العام. وهو صاحب الرواية الشهيرة "شفرة دافينشي". ما يهمنا هنا ليس أحداث الرواية، بل المستوى الثقافي والفني الرفيع الذي استخدمه الروائي في العمل لحل الرموز المتتابعة؛ ليخرج البطل من ورطته. فنجد أن أحداث الرواية تدور بشكل أساسي في مدينة فلورنسا الإيطالية المعروفة بثرائها الفني والثقافي: من قصور تاريخية، وتماثيل شهيرة للنحات مايكل أنجلو، ولوحات لفاساري وليوناردو دافينشي وغيرهم، ومتاحف تحتوي على أعمال عالمية في الأدب والفنون التشكيلية، ومنها العمل الشعري الكبير لـ"دانتي" الذي تبلغ أبياته أربعة عشر ألف بيت، والمسمى "الكوميديا الإلهية". تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا العمل ليس عملاً فكاهياً، بل هو عمل جاد. وإنما سمي كذلك للتفريق بين الكتابات، حيث كانت "التراجيديا" تمثل الأعمال المكتوبة باللغة الفصيحة، أما "الكوميديا" فكانت للأعمال الشعبية. كما يجدر القول هنا، بأن كثيراً من النقاد الغربيين برهنوا أن كاتبها "دانتي" كان متأثراً بـ"رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري وأخذ منها. العمق الأدبي والفني والثقافي الذي يعرضه "براون" في روايته يقابله الفقر الثقافي والمعرفي لدى ناشرينا، والسطحية والأمية المعرفية لدى كثير من كتابنا المعاصرين الذين انتشرت أعمالهم بيننا كالنار في الهشيم. ولأن ناشرينا يبحثون عن المال، ولا تهمهم الثقافة، ولا الفن والإبداع الراقي؛ فقد شجعوا انتشار هذا الذي نبرأ أن ينسب إلينا وإلى ثقافتنا. Twitter: @mamashat m.mashat@gmail.com m.mashat@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (60) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :