مقالة خاصة: الأطفال المكفوفون يرون تراث بلدهم بأيديهم داخل المتحف المصري

  • 1/16/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة 15 يناير 2020 (شينخوا) فى القاعة الرئيسية بالمتحف المصرى بالقرب من ميدان التحرير بوسط القاهرة، كانت مجموعة من الأطفال المكفوفين تتلمس أقدام تمثال ضخم من الجرانيت للفرعون المصري رمسيس الثاني، وبرفقتها مرشد سياحي فاقد البصر. وبدا الأطفال كما لو كانوا يرون آثار بلدهم بأيديهم، مستخدمين الخيال بديلا عن الرؤية، وتساعدهم بطاقات إرشادية مكتوبة بطريقة برايل مرفقة مع كل أثر يمرون به في مسارهم الخاص بالمتحف. وتعد الجولة جزءا من أنشطة مدرسة "الوعي الأثري" بالمتحف الخاصة بالمكفوفين. وقال عادل فؤاد، وهو مرشد سياحي كفيف، إن "مدرسة الوعي الأثري ليست بناية حقيقية لكنها إحدى أنشطة وزارة السياحة والآثار لرفع وعي الأطفال ضعاف البصر بتراثهم وآثارهم من خلال جولتهم في المتحف". وأضاف فؤاد، المشرف العام على مدرسة الوعي الأثري للمكفوفين، لوكالة أنباء (شينخوا)، أن "المدارس العادية للأطفال المكفوفين تخبرهم عن تاريخ مصر القديم، لكن مدرستنا الرمزية تتيح لهم عمليا لمس القطع الأثرية المختلفة بأيديهم والتواصل مع تاريخهم". ويتعامل فؤاد وزملاؤه من المرشدين فاقدي البصر مع جميع الفئات العمرية من الزوار المكفوفين بالمتحف بدءا من سن السادسة، ويتبعون القواعد النفسية ويأخذون في الاعتبار القدرات الذهنية المتفاوتة للزوار المكفوفين أثناء إرشادهم خلال الجولات. ويعد متحف الطفل الذي يحتوي على مستنسخات لقطع ولوحات أثرية مصنوعة من مكعبات ليغو من أهم محطات جولة الأطفال الكفوفين داخل المتحف المصري، حيث يستطيع الأطفال فاقدي البصر تلمس النسخ المختلفة من تماثيل الفراعنة وأبو الهول المصنوعة من آلاف المكعبات الصغيرة. وبدا الطفل آدم البالغ من العمر ست سنوات، والذي جاء ضمن مجموعة من إحدى المؤسسات الخاصة لرعاية الكفوفين، متحمسا للغاية خلال الجولة، خاصة بعد أن قام مع زملائه بتلمس نسخة من المكعبات للقناع الذهبي للفرعون الشهير توت عنخ آمون. "كنت سعيدا جدا باللعب بالمكعبات ولمس التماثيل وكل هذه الأشياء الجميلة، كما أنني لمست أقدام تمثال هناك وكانت كبيرة جدا، إنني أحب أن آتي إلى هنا مرة أخرى"، هكذا قال آدم الذي التحق أخيرا بالمدرسة الابتدائية. ويوجد بالمتحف مسار خاص للزوار المكفوفين، يتضمن 12 قطعة أثرية يتنقلون بينها بمساعدة خريطة مصنوعة بطريقة برايل، ومن بين القطع لوحة نارمر، وتمثال للملك رمسيس الثاني، وآخر للملك أمنمحات الثالث على هيئة أبو الهول، وطاولة التحنيط، بالإضافة إلى التوابيت وغيرها. وقال أحمد نجيب، وهو مرشد سياحي للمعاقين بصريا، "لقد تم إهداء المسار الخاص بالمكفوفين إلى المتحف المصري في منتصف العام 2019 من قبل أحد المتاحف الإيطالية المتخصصة، وقدموا لنا أيضا بطاقات تعريفية لكل قطعة بالمسار مكتوبة بطريقة برايل باللغات العربية والإنجليزية والإيطالية". وأوضح أن الزوار المكفوفين لا يمكنهم رؤية جميع الآثار الموجودة في المتحف، لأن معظمها يوضع داخل فاترينات العرض، لكنهم يمكنهم فقط لمس تلك القطع المكشوفة المصنوعة من الجرانيت أو البازلت. وتابع نجيب، وهو أيضا نائب المشرف العام على مدرسة الوعي الأثري للمكفوفين، أن الآثار المصنوعة من الحجر الرملي أو الحجر الجيري يمكن فقط للمكفوفين لمس نسخ منها مصنوعة خصيصا لهذا الغرض. وتجمعت مجموعة من الأطفال المكفوفين حول تابوت كبير في القاعة الرئيسية للمتحف، بينما قدم لهم نجيب معلومات أساسية حول كيفية حفظ المصريين القدماء للمومياوات داخل التوابيت، بينما اقتربت مجموعة أخرى من تمثال لأحد الفراعنة مصنوع من البازلت، حيث كانوا يتخيلون وجهه من خلال حركة أناملهم. وقال المرشد السياحي لـ (شينخوا)، "لقد أجرينا تجربة خلال أحد المعارض بالمتحف في العام 2016 بعنوان (يمكنك أن ترى بيديك)، وحضرها وزير الآثار بنفسه وتلمس المستنسخات الأثرية الخاصة بالمكفوفين وهو مغمض العينين". وتتعاون مدرسة الوعي الأثري للمكفوفين بالمتحف المصري مع المدارس الخاصة والمنظمات غير الحكومية لترتيب زيارات خاصة للمكفوفين إلى المتحف. وبدأت المدرسة أيضا مبادرة جديدة حيث يزور المرشدين السياحيين الأطفال المكفوفين في مدارسهم بمستنسخات من الآثار الشهيرة بالمتحف كما لو كان "متحفا متنقلا". وأعربت أمل عزت رئيسة إحدى مؤسسات رعاية وتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، عن سعادتها بالجولة التي نظمتها مدرسة الوعي الأثري لتعريف طلابها المعاقين بصريا بتاريخ وتراث بلادهم. وقالت عزت، "نحن نقوم بإطلاق سراح أطفالنا المكفوفين من سجن الإعاقة لاستكشاف الحياة، حيث نأخذهم إلى المتاحف ونعلمهم معنى المتحف وأهم مقتنياته، فهم يتعلمون ببطء لكننا بالصبر والإصرار نقوم بدمجهم تدريجيا في المجتمع".

مشاركة :