مقال.. (( العفو عند المقدرة )) (قصة سجلها لتاريخ ) بقلم.. اللواء الركن متقاعد / حسين محمد آل معلوي يعلم كل مواطن ومواطنه بأن البلاد السعودية مليئة بأهل الشهامة والكرم والجود والإيثار ..لقد كان الآباء والأجداد رحم الله من قدم اليه منهم وأطال أعمار من بقي حياً يرزق على طاعته ورضاه ..في الماضي يتفاخرون بالكرم والشهامة والشجاعة والعفو عند المقدره واليوم نرى جيل الأبناء يمارسون نفس الأدوار الإيجابيه التي سنَّها من اكرمه الله بسن سنة حسنه من آباؤهم وأجدادهم . ومن هنا دعونا نسجل ونثبت للتاريخ بأنه في زمننا الحاضر جددت إمرأة سعودية في خريف العمر ماكان يتفاخر به الأحرار والنبلاء والنشامى والكاظمين الغيض في الماضي والحاضر في بلادنا الحبيبه ..!! . إنها إمرأة صبرت على ما كتبه الله لها من جور ظروف الزمان المقدَّره وصمدت في معترك الحياه وقامت بتربية أبنائها الأيتام رغم معاناتها مع الفقر والترمل والوحده بعد وفات زوجها رحمه الله . – لقد تفاجأت هذه المرأه في يوم الجمعه الموافق (١٦ / ٤ / ١٤٤١هـ ) بدخول أحد جيرانهم ومعه والدته وأولاده بعد صلاة المغرب ليبلغها بأنه قتل ابنها العائد من الجبهه عبدالله بن زامل بن مناحي الواهبي ، ومعه سلاحه الذي استخدمه في القتل قائلاً لوالدة القتيل ” أنا قتلت ولدك عبدالله وأنا في وجهك جوريني وإذا ما جورتيني فهذا سلاحي تبين تذبحيني اذبحيني تبين تسوِّين اللي تسوِّين بي سوِّيْه ” . فقالت له تلك المرأة الحُرَّه أم الرجال الشجعان (أدخل المجلس ، والله إنك في وجهي ) . وعندما دخل من وصل من ابنائها الغاضبين يدفعهم الشيطان للإنتقام لقتله شقيقهم قالت لهم والدتهم ( عليها النذر ماحد يدخل عليه ولا يمسه بسوء… هذا وأهله جيراننا من سنين وبلاه الشيطان بذبح ولدي وأنا جورته والقوي الله قوي الحيل والشكوى على الله… والله المستعان ..) ومنعت اولادها من الوصول إلى قاتل إبنها المتواجد في مجلسها لأنها جوَّرَتْه وحمته من القتل حتى وصلت الشرطه واستلمت الجاني وباشرت القضية ، علماً بأن المجني عليه كان متواجد عند والدته واخوته فقط في رخصة إجازة عطلة الإسبوع لأنه يعمل في الحد الجنوبي مدافعاً عن وطنه مع زملائه من أبناء القوات المسلحه في قطاع جازان . هل تعلمون من هي هذه المرأة الحره والبطلة الشجاعه الأبيه والرمز الوطني ..؟؟ . إنها تلك الأم التي داست على عواطفها كإمرأه وألجمت مشاعرها كأم وكتمت الحزن والبكاء والألم والأنين على فراق ابنها وقرَّة عينها وحرمانه من الحياة بطريقة غادرة ومحزنة ومشينه . نعم لقد سجلت ذلك الموقف التاريخي رغم فقدها فلذة كبدها ورغم أن القاتل بين يديها .. !!!، وفرصة الإنتقام والأخذ بالثأر متاحة لها وأمام ناظريها . إنها الحره الشهمة الأبيه / نوره بنت محمد بن عبدالله الواهبي الشهراني والدة المقتول/ عبدالله بن زامل بن مناحي الواهبي . أما الجار القاتل المستجير بالله ثم بأم المجني عليه فيدعى / محمد بن زامل بن شاهر الواهبي الذي ندم اشد الندم على جريمته التي قام بها بغواية من الشيطان الرجيم . لقد قامت هذه الأم بحماية القاتل من أبنائها الصناديد .. البارين بحق وصدق بوالدتهم ، لأنهم خضعوا لإرادتها ، بل إن هذه المرأة وأبناؤها سمعوا بأن جيرانهم أهل القاتل قرروا الرحيل من بيوتهم وأملاكهم ومزارعهم في يوم العزاء ، فقررت الأم وأبناؤها الذهاب اليهم ومنعهم من الرحيل وأقسموا عليهم بأن لا يغادرون وأن لا يبيعون أو يهجرون أملاكهم وأفهمت تلك الأم النادرة والعملاقة الكريمة جيرانها أهل القاتل بأنها لن تبيع جيرتهم لأنها ما عرفت عنهم الا كل خير خلال سنين العمرالطويله وقالت لهم ” القاتل في حكم الله تعالى ثم في حكم الحكومة ” ، بل إنها وأولادها طلبوا من أهل القاتل وذويه أن يشاركونهم في دفن المقتول وفي العزاء .. وهذا ما جعل كل من اطلع على قصة هذه المرأه وأبناؤها وموقفهم النبيل ينحني لله ثم لهم إجلالاً واحتراماً وتقديراً وإكبارا . لقد اتصلت بإبن الأم الأكبر والذي يعمل إمام مسجد فوجدته على قدر عالي من الثقافة والوعي والإدراك والإيمان ويدعى / محمد بن زامل بن راجح الواهبي وكان جواله ( 055 615 8774 ) طلباً لإيضاح ما جرى ، فقال لي إن ما قامت به والدتنا وأيدناها فيه كنا نرجو به وجه الله سبحانه وتعالى وكان بسبب التقيد بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه الذ أوصى بالجار خيراً وجيرتنا مع أهل القاتل لها أكثر من (٦٠) ستين عاما .. وشرح لي مشكوراً ما أردت معرفته منه ، فعرفت منه تفاصيل ما حدث في قريتهم المسماه القضَّه أو الحامض التابعة لمركز ( خيبر الجنوب ) التابع لمحافظة ( بيشه ) وعندما سألته هل تواصل معه أحد من الجهات الرسمية وخاصة زملاء المرحوم شقيقه العسكريين للعزاء تقديراً لما قاموا به من سنة حسنه سيتناقلها الركبان أو الناس عبر السنين ، أفاد بالنفي معاتباً .. !! ، فاستأذنته في كتابة هذا المقال لأقول بداية ونهايه إنه لمثل هذه الأم (التي تمثل أمه ) وأولادها البسطاء في معيشتهم والكبار في قدرهم وأفعالهم وشجاعتهم وثقافتهم وإيمانهم نرفع لها ولأبنائها عمائم الرؤوس تقديراً وفخراً واحتراماً مقرنين ذلك بالدعاء لهم بأن يجعل الله ما قاموا به في موازين حسناتهم وأن يبدل حبهم لإبنهم القتيل صبراً ورضواناً وإحسانا .. ومؤكداً على الدور الإيجابي لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز الذي يبذل جهده وجاهه وماله لتشجيع أبناء منطقة عسير على اصلاح القلوب قبل إصلاح الدروب
مشاركة :