أكد خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجودر أن الجهل بالإسلام وتعاليمه هو السبب في ظهور الفكر الإقصائي التدميري لتصفية العنصر البشري وهدم الآثار والمتاحف، لابد للمسلمين من وقفة جادة أمام ما يحدث من تدمير واعتداء على تلك الآثار والمتاحف، فالإسلام لم يمنع المحافظة أو الإطلاع عليها لدراسة التطور البشري، خاصة تاريخ الأمم السابقة التي يأخذ منها الدروس والعبر. وأضاف أن ما قامت به الجماعات الإرهابية من نسف العشرات من المواقع الأثرية وسرقة البعض منها بالتعاون مع مافيا الآثار لجريمة كبرى في حق الإنسانية، فتلك الآثار يعود تاريخها إلى آلاف السنين من العصور السومرية والبابلية والآشورية وحضارة بلاد الوافدين، وهي حضارات قبل مولد المسيح عليه السلام، فلم يعد المستهدف فقط العنصر البشري بل حتى الحضارة الإنسانية. وأوضح الجودر أن التاريخ الإنساني والحضارة البشرية هما أرث لكل شعوب العالم، والحضارة الإسلامية هي مكملة لتلك الحضارات، فهما دليلان على العطاء الإنساني، والإسهامات البشري، وقد جاء ذكر الكثير من تلك الحضارات في كتاب ربنا، قال تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بعاد* إرم ذات العماد* التي لم يخلق مثلها في البلاد* وثمود الذين جابوا الصخر بالواد* وفرعون ذي الأوتاد* الذين طغوا في البلاد* فأكثروا فيها الفساد* فصب عليهم ربك سوط عذاب) [الفجر: 6-13]، فالإسلام إستطاع إستيعاب تاريخ الحضارات السابقة وأخذ الدروس والعبر منها. وأردف أن المتابع للحضارة البشرية وما يتعرض له التراث الإنساني من متاحف وآثار ومخطوطات ومساجد وكنائس ومدن آثرية قديمة، من أعمال تخريب وتدمير وسلب ونهب لدليل على المشروع القائم بالمنطقة والمعروف بالشرق الأوسط الجديد، وهو مشروع قائم لتغير هوية المنطقة ومسح إرثها التاريخي وحضارتها الإنسانية، وهذا ما يحصل في فلسطين على أيدي الحكومة الإسرائيلية من أعمل حفر وهدم تحت المسجد الأقصى، وما يحدث في العراق وسوريا على أيدي التنظيمات الإرهابية، فما تتعرض له الآثار في الموصل وتدمر من أعمال هدم للآثار، وتهريب للقطع الأثرية، وبيع للنقود الذهبية لأكبر دليل على المخطط التدميري للمنطقة. وتابع إن أعمال التخريب والتدمير والهدم للمتاحف والآثار التاريخية بدعوى أنها (أصنام تعبد من دون الله) قد أثارت جدلاً فقهياً كبيراً حول تلك الآثار، وننقل لكم فتوى الشيخ محمد حسان حول هذا الموضوع: (لا أجد دليلاً واحدًا من أقوال الصحابة الذين دخلوا مصر يأمرون فيه بتحطيم الآثار أو تكلموا عنها، ولا يوجد على وجه الأرض من هو أغير من هؤلاء الصحابة على دين الله وتنفيذ شرعه). وأضاف بأن هذا الآرث ليس ملك لفرد أو دولة أو مجتمع، ولكنه ملك للبشرية. وجاء بيان دار الإفتاء المصرية بأن (هذه الآثار كانت موجودة في جميع البلدان التي فتحها المسلمون ولم يأمر الصحابة الكرام بهدمها أو حتى سمحوا بالاقتراب منها)، وأن (الصحابة جاءوا إلى مصر إبان الفتح الإسلامي ووجدوا الأهرامات وأبو الهول وغيرها ولم يصدروا فتوى أو رأياً شرعياً يمس هذه الآثار التي تعد قيمة تاريخية عظيمة).
مشاركة :