تحديات صدمة الشيخوخة والإنفاق الحكومي «2 من 3»

  • 2/1/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أتاحت أشكال الإقراض الجديدة مثل التوريق، الذي يحول القروض إلى سندات لأنواع أكثر من المؤسسات توفير الائتمان فيما أطلق عليه القطاع المصرفي الظلي وأتاحت " مصارف الظل " التي يمكن أن تتضمن كيانات مثل الشركات الاستثمارية وشركات التأمين للأشخاص الذين كانوا يواجهون فيما سبق صعوبات في الاقتراض، ولا سيما أصحاب الدخول المنخفضة إمكانية الحصول على الائتمان بسهولة ومقادير أكبر. ومن حيث المبدأ ينبغي أن تؤدي هذه التغيرات إلى زيادة فعالية السياسة النقدية. غير أن التغيرات في أسواق الائتمان حدثت في الوقت نفسه الذي بدأت فيه ميزانيات الأسر المعيشية، خصوصا قيمة المساكن في الاضطلاع بدور متزايد في قرارات الاستهلاك. فقد وجد المستهلكون أن بإمكانهم الاستفادة من حصص الملكية في مساكنهم بإعادة تمويل قروضهم العقارية، وكان ذلك يعني تناقص أهمية الاقتراض الاستهلاكي المعياري وأسعار الفائدة، وهو ما أدى بدوره إلى تناقص أهمية قناة الائتمان ونتيجة لذلك تتغير حساسية النشاط الاقتصادي للسياسة النقدية. تغيرات في كيفية تأثير السياسة النقدية في توقعات الأطراف الاقتصادية الفاعلة مثل منشآت الأعمال والمستهلكين: يقول بعض الاقتصاديين أيضا إن البنوك المركزية بسبب مصداقيتها القوية تعمل بشكل متزايد من خلال عمليات الفم المفتوح، أي إنها تدير التوقعات من خلال الاتصالات فقط دون أن تضطر إلى تغيير أسعار الفائدة بالقدر نفسه الذي كان يحدث من قبل، وزاد استقرار توقعات الدخل والتضخم بسبب الاستجابة القوية المتوقعة من السياسة النقدية إذا انحرف الناتج عن المستوى الممكن أو لمواجهة أي انحراف عن التضخم المستهدف. ويعني هذا بدوره زيادة استقرار الإنفاق والتضخم الفعليين، ما يحد أثر التغيرات في أسعار الفائدة. وعلى الرغم من أهمية هذه العوامل، فإنها ليست التفسير الوحيد لتناقص فعالية السياسة النقدية. وأحد التفسيرات الذي لم يحظ بقدر كبير من الاهتمام هو الدور المهم للعوامل الديموغرافية المتغيرة في إضعاف فعالية السياسة النقدية في خمسة اقتصادات متقدمة كبرى قمت بدراستها هي كندا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وتختلف الخصائص الديموغرافية بصورة كبيرة باختلاف الدول. فبعض الدول، مثل ألمانيا واليابان تتجه إلى الشيخوخة بسرعة أكبر من غيرها، لكن لا يوجد بلد لم تمسه هذه الظاهرة. والنتيجة هی تزايد نسبة كبار السن إلى السكان في عمر العمل، أي ما يسمى نسبة إعالة المسنين. وعلاوة على ذلك، نظرا لأن معدلات الخصوبة تنخفض بشدة في كل الدول، يتجه العالم بسرعة نحو الشيخوخة. وحسب افتراض دورة الحياة، ينبغي أن تكون لدى المجتمعات الأكبر سنا، ولا سيما في الاقتصادات المتقدمة نسبة كبيرة من الأسر المعيشية الدائنة وأن تكون أقل حساسية لتغيرات أسعار الفائدة، خصوصا إذا كانت أسعار الفائدة ثابتة ولا تتغير مع التضخم، كما هي الحال عادة في الدول موضوع الدراسة. أما المجتمعات الشابة نسبيا، فينبغي في المقابل أن تكون لديها نسبة أكبر من الدائنين مع تزايد الحساسية لتغيرات أسعار الفائدة التي تحفزها السياسة النقدية. وبعبارة أخرى، تسهم العوامل الديموغرافية بدور إلى جانب التغير الهيكلي والتوقعات في الحد من تأثير السياسة النقدية في التضخم والبطالة. تؤثر السياسة النقدية في جماعات مختلفة بطرق مختلفة، حسب الجماعة والقناة التي تتدفق السياسة النقدية من خلالها. وهناك عدة طرق تحدث بها السياسة النقدية تغيرات في السلوك بتعديل أسعار الفائدة خصوصا الطريقة التي تؤثر بها في المواطنين كبار السن في الاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك ما يلي: قناة أسعار الفائدة: وفقا لافتراض دورة الحياة يقتني الأفراد أصولا مثل المنازل والأسهم والسندات خلال عمر العمل ويبيعونها بعد التقاعد. ويتبع كل من نمطي الادخار والاستهلاك للأسر المعيشية مسارا محددا بشكل جيد يتغير مع السن. فالدين يتزايد في مرحلة مبكرة من دورة الحياة ثم يبدأ في الانخفاض "وإن كان تدرجه في الأعوام الأخيرة أكبر من تدرجه في الماضي، نظرا للأزمة المالية وارتفاع تكاليف التعليم ورعاية الوالدين، وغير ذلك من العوامل". وتكون الأسر المعيشية الأحدث سنا، التي غالبا ما تكون مدينة على أساس صاف، أكثر حساسية تغيرات أسعار الفائدة ولا سيما إذا كانت أسعار الفائدة على قروض المساكن متغيرة في معظمها، بينما تكون الأسر المعيشية الأكبر سنا، التي غالبا لا تحتاج إلى الاقتراض، أقل حساسية لهذه القناة. ويعني ذلك أن في المجتمعات التي تهيمن عليها الأسر المعيشية الشابة، تكون السياسة النقدية أداة أكثر فعالية لكبح أو تشجيع الطلب منها في المجتمع الأكبر سنا... يتبع.

مشاركة :